لعلك ترى منها رجلاً أو يأتي منهم رجال تحقر عملك مع أعمالهم، وفعلك مع أفعالهم، وتغبطهم إذا رأيتهم، لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله -تعالى-".

قوله: وقع بقريش، يفسره قوله: نال منهم.

وقوله: "لا تشتم قريشًا" تقول: وقع فلان في الناس وقيعة أي أعانهم، وكذلك وقع به، ونال فلان من فلان: إذا شتمه واغتابه ونحو ذلك.

وقوله: "مهلًا" أي: تأن واصبر، وهو ساكن الهاء، ويكون للواحد والاثنين والجمع والمؤنث، يعني: أمهل، فإذا قيل لك: مهلاً، قلت: لا مهل، ولا تقل: لا مهلا.

والغبطة: نوع من الحسد إلا أنه لا يكون متضمنا زوال ما يحسد عليه إنما هو تمني مثله من غير زواله عن صاحبه.

وطغى يطغى ويطغو طغيانًا: إذا جاوز الحد، وكذلك طغى يطغى.

وقوله: "منها ومنهم" جمع بين الضميرين، فالأول: رده إلى لفظ الجماعة من قريش وهي مؤنثة، والثاني: رده إلى جماعة الرجال وهم مذكرون.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مسلم [بن] (?) خالد، عن [ابن] (1) أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش شيئًا من الخير لا أحفظه، وقال: "شرار قريش خيار شرار الناس".

فلان خير الناس وشر الناس، ويقال: أخير ولا أشر إلا في لغة رديئة، وهو لا خيار الناس وشرارهم، وهم أخيار وأشرار.

وفي هذه الفضيلة التي ذكرها لقريش ما لا يخفى، لأنه لما علم أن قريشًا مع كثرتها لا تخلو من الأشرار كما يكون في جميع الناس من الخير والشر، وكانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015