وأخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال الشافعي: وقال الله -عز وجل-: {وأمرُهُم شُورَى بينهُمْ} (?).
قال: وقال الحسن: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مشاورتهم لغنيا, ولكنه أراد أن يستن بذلك الحكام بعده.
قال: وإنما أمر به -يعني الحاكم- بالمشورة: لأن المشير ينبهه لما يغفل، ويدله من الأخبار على ما لعله أن يجهله، فأما أن يقلد مستنيرًا فلم يجعل الله هذا لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وبيان تفصيل المذهب: أن الحاكم إذا أراد أن ينفذ حكمًا ثابتًا بالكتاب والسنة والإجماع لم يحتج فيه إلى المشاورة، وإن كان حكمًا بالاجتهاد فيستحب له أن يشاور اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر ومن بعدهما من الأئمة، ولا يشاور إلا أمينًا، عالمًا بالكتاب والسنة والآثار، وأقاويل الناس، ولسان العرب، ولا يقبل منه وإن كان أعلم منه حتى يعلم كعلمه.
والشورى: مصدر بمعنى التشاور، والتقدير: وأمرهم بينهم ذو شورى.
...