والطلاق، والبيع، والشراء، والديون، والدعاوى، والبينات، وإثبات السجلات، وبقي اسم الحاكم مشتركًا بين القضاء والإمارة، فإذا قيل: فلان قاضي البلد، فلا يراد به السلطان والأمير، وإذا قيل: حاكم البلد، أجاز العرف والاستعمال إضافته إلى كلا الرجلين. والله أعلم.

والشافعي -رحمه الله- استدل بهذا الحديث على تثبت الحاكم في حكمه قال: قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (?) الآية، فأمر الله من يمضي أمره على أحد من عباده، أن يكون متثبتا قبل أن يمضيه، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحكم خاصة أن لا يحكم الحاكم وهو غضبان، لأن الغضب مخوف على أمرين:-

أحدهما: قلة التثبت، والآخر: أن الغضب قد يتغير معه العقل، ويقدم به صاحبه على ما لم يقدم عليه لو لم يكن غضب.

وتفصيل المذهب: أنه يكره للقاضي أن يقضي وهو غضبان، وكل ما هو جاري مجرى الغضب فله حكمه مثل: الجزع الشديد، والعطش الشديد، والهم الشديد، والفزع الشديد، ومدافعة الأخبثين لأن هذه الأشياء تمنع التثبت في الحكم، وإن حكم في هذه الأحوال نفذ حكمه.

وأخرج الشافعي في القديم: عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمني كلمات أعيش بهن، ولا تكثر علي فأنسى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغضب".

هكذا جاء مرسلًا عن مالك، ورواه معمر، عن الزهري، عن حميد، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأخرجه البخاري (?) من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015