والفداء بالكسر يمد ويقصر، وإذا فتح فالقصر لا غير.

وقيل: فديت الأسير: إذا أسرته بمالك وخلصته من الأسر، وفاديته: إذا أعطيت رجلاً وأخذت عوضه.

والجريرة: الجناية، تقول: جر عليه يجر جريرة: إذا جنى عليه جناية.

ومعنى قوله: "أخذت بجريرة حلفائكم ثقيف" قد اختلف في تأويله:-

فقيل معناه: أنهم كانوا عاقدوا بني عقيل أن لا يعرضوا للمسلمين ولا لأحد من حلفائهم، فنقض حلفاؤهم العهد ولم ينكره بنو عقيل فأخذ بجريرتهم.

وقيل معناه: إن هذا كان رجلاً كافرًا لا عهد له، فأخذه وأسره جائز، فإذا جاز أن يؤخذ بجريرة نفسه وهو كافر، جاز أن يؤخذ بجريرة غيره ممن كان على مثل حاله من حليف وغيره.

وقيل: في الكلام إضمار يريد: أنك أخذت لندفع بك جريرة حلفائك ثقيف، ونفدي بك الأسرى الذين أسرتهم ثقيف، ألا تراه قال في الحديث: ففدى الرجل برجلين من المسلمين.

قال الشافعي -رضي الله عنه- في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أخذت بجريرة حلفائكم من ثقيف": معناه: أن المأخوذ مشرك مباح الدم والمال لشركه من جميع جهاته؛ والعفو عنه مباح، فلم ينكر أن يقول: أخذت -أي: حبست- بجريرة حلفائكم ثقيف، وتحبسه بذلك ليصيروا إلى أن يخلوا من أراد، وقد غلط بهذا بعض من قال: يؤخذ الولي بالولي من المسلمين، فإن هذا مشرك يحل أن يؤخذ بكل جهة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجلين من المسلمين قال: "هذا ابنك"؟ قال: نعم، قال: "أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه، وقضى الله -تعالى-: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، فلما كان حبسه هذا حلالًا بغير جناية غيره وإرساله مباحًا جاز أن يحبس بجناية غيره لاستحقاقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015