وقول الشافعي: إن قتل ابن أبي الحقيق إن كان قبل العمرة الأولى، يشهد بصحته ما قاله محمد بن إسحاق بن يسار -صاحب المغازي-: أن قتله كان قبل بني المصطلق وقبل عمرة الحديبية.

وفي حديث الصعب بن جثامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو بالأبواء وبودان؛ فأهدى إليه حمار وحشٍ فرده وقال: "إنا حرم"، وذكر أنه سئل عن ذراري المشركين. وفي ذلك دليل لما قال الشافعي من كونه بعد نهيه.

وقوله: - صلى الله عليه وسلم - في الجواب: "هم منهم، وهم من آبائهم" من الأجوبة البليغة الفصيحة المشتملة على الغرض المسئول عنه وزيادة، وذلك أنه نبه به على السبب المقتضي للحكم، وذكر العلة التي من أجلها ألحقهم بالرجال، فإن قوله: "هم منهم" أي: بعضهم، والبعض مندرج تحت الكل ويشتمله حكم الأصل، وكذلك قوله: "هم من آبائهم" ألحق الآباء بالأبناء، ولم يتعرض في الجواب إلى ذلك واكتفى بقوله: "هم منهم"، و"هم من آبائهم"، وهذا من بدائع ألفاظه ولطائف خطابه - صلى الله عليه وسلم - وقد استدل الشافعي - رضي الله عنه- على جواز التبييت بحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار علي بني المصطلق وهم غارون. وقد تقدم ذكره.

وأخرج الشافعي في القديم (?) قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن محمد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: ما رأيت مثل يهودية من بني قريظة إنها لتحدث عندي وتضحك، نودي بها فقالت: إني الآن لمقتولة، قلت: وما شأنك؟ قالت: أحدثت حدثا.

قال الشافعي -رضي الله عنه-: فحدثنا بعض أصحابنا أنها كانت دلت على محمود بن مسلمة رحا فقتلته فقتلت بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015