حرز فإن إقراره لا يصح في حق سيده؛ ويكون المقر به في ذمته تالفا أو باقيا لأنه متهم بإقراره.

وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أن رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم على أبي بكر الصديق؛ فشكى إليه أن عامل اليمن ظلمه وكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم افتقدوا حليًا لأسماء بنت عميس -امرأة أبي بكر- فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بَيَّتَ أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ، وأن الأقطع جاء به فاعترف الأقطع أو شهد عليه، فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته.

هذا الحديث أخرجه الموطأ (?) وقال فيه: "عقدًا" بدل "الحلي".

قوله: "افتقدوا": افتعلوا من فقدت الشيء أفقده إذ لم تجده أو غاب عنك.

وقوله: "بيَّت أهل هذا البيت الصالح" يريد: سرق، والبيات: فعل الشيء ليلاً على غفلة ومنه تبييت العدو.

وقوله: "لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته" يريد قول الأقطع: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت، أي: خذ من فعل ذلك وانتقم منه، فكان هذا القول عند الصديق أعظم من السرقة، لأن إقدامه على السرقة -وإن كان كبيرًا- فإنه زلة حملته نفسه عليها.

وأما قوله ذلك بعد السرقة: فإنه لا يصدر إلا عن نية خبيثة وقلب فاسد ونفس شريرة، حيث لم يستعظم زلته بالسرقة؛ فكرر هذا القول لينفي عنه التهمة؛ وجعل القول طريقًا إلى الانتفاع بما سرقه؛ مع ما فيه من النفاق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015