قال الشافعي: وكانت العقوبات في المعاصي قبل أن ينزل الحد، ثم نزلت الحدود ونسخت العقوبات فيما فيه الحدود. وذكر حديث النعمان بن مرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تقولون في الشارب والزاني والسارق؟ وذلك قبل أن تنزل الحدود- فقالوا: الله ورسوله أعلم.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته".

قال: ثم ساق الحديث وهذا الحديث تقدم ذكره وشرحناه في كتاب "الصلاة".

قال الشافعي: ومثل معنى هذا في كتاب الله -عز وجل- قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} وذكر إلى قوله: {إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (?) قال: فكان حد الزاني بهذه الآية: الحبس والأذى حتى أنزل الله على نبيه حد الزنا، فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (?) واستدللنا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أريد بالمائة جلدة فذكر حديث عبادة بن الصامت ثم قال: وهذا الحديث يقطع الشك -يريد الرواية الثانية التي ذكرها في أحكام القرءان- فبين أن حد الزانيين الحبس (?) أو الحبس والأذى وأن أول ما حد الله به الزانيين من العقوبة في أبدانهما بعد هذا.

قال: ودلت سنة رسول - صلى الله عليه وسلم - أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين ومنسوخ عن الثيبين، وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين، لأن قول رسول - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا" أول ما نزل فنسخ به الحبس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015