وأخبرنا الشافعي: أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد قال: سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته؟ قال: يفرق بينهما، قال أبو الزناد: قلت: سنة؟ قال سعيد: سُنَّة.
قال الشافعي: والذي يشبه قول سعيد: سنة أن يكون سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: "يفرق بينهما" يريد إذا طلبت المرأة فسخ النكاح بإعسار النفقة، فأما إذا لم تطلب فلا.
وقوله: "قلت: سنة" يريد أن أبا الزناد استفهم ابن المسيب عن هذا الحكم؛ هل هو سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فلذلك قال له سعيد في الجواب: سنة. وفي هذا السؤال وجوابه مبتدآن محذوفان التقدير: هل هذا سنة قال: هو سنة. أي نعم هو سنة، سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , لأن السنة لا تطلق إلا على ما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قيس عليه.
وقد استدل الشافعي في هذا الحكم بقول أبي هريرة والذي قبل هذا.
قال الشافعي: قال أبو هريرة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الزوج بالنفقة على أهله، قال أبو هريرة: تقول امرأتك: أنفق عليَّ أو طلقني، ويقول خادمك: أنفق علي أو بعني.
قال البيهقي: وقد روى ابن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قول ابن المسيب، والذي ذهب إليه الشافعي هذا لفظه قال: لما كان فرض الله على الزوج نفقة المرأة ومضت بذلك سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والآثار والاستدلال بالسنة؛ لم يكن له -والله أعلم- حبسها على نفسه يستمتع بها -و [منعها] (?) عن غيره تستغني به- وهو مانع لها فرضًا عليه عاجزًا عن تأديته؛ وكان حبس النفقة والكسوة يأتي على نفسها فتموت جوعًا وعطشًا وعريًا فتلزمه الفرقة بينهما.