فإن اللبن غذاء جسم الصغير وعليه ينمى لحمه وعظمه, لأنه في سن النماء والزيادة. وهذا ذهاب منه إلى أن الرضاع لا يحرم إلا ما كان في الصغر.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالمًا خمس رضعات يحرم بلبنها، ففعلت فكانت تراه ابنا".
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير؟ فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة -وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد كان شهد بدرًا، وكان قد تبنى سالمًا الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة كما تبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة، وأنكح أبو حذيفة سالمًا وهو يرى أنه ابنه، فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأول وهي يومئذ من أفضل أيامى قريش، فلما أنزل الله -عز وجل- في زيد بن حارثة ما أنزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ في الدِّينِ} (?) رد كل واحد من أولئك تبنى إلى أبيه، فإن لم يعلم أباه رده إلى الموالي. فجاءت سهلة بنت سهيل -وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، كنا نرى سالمًا ولدا وكان يدخل علي وأنا فُضل وليس لنا إلا بيت واحد، فما ترى في شأنه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها" ففعلت فكأنه تراه ابنًا من الرضاعة. فأخذت بذلك عائشة فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكأنه تأمر أم كلثوم وبنات أختها يرضعن من أحببت أن يدخل عليها من الرجال والنساء، وأبى سائر أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن: ما نرى الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهلة بنت سهيل إلا رخصة في