ولا أعلم في توقيت الخيار شيئًا يتبع إلا قول حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم يمسها" وفي تركها إياه أن يمسها كالدلالة على ترك الخيار، فإن أصابها، أو تراخى زمان الإمكان واعتذرت بالجهالة ففيه قولان:
أحدهما: تحلف ويكون [لها] (?) الخيار، وهو أحب إلينا.
والثاني: لا خيار لها.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير: "أن مولاة لبني عدي بن كعب -يقال لها: زبراء- أخبرته أنها كانت تحت عبدٍ وهي أمة يومئذ فعتقت، قالت: فأرسلت إلى حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعتني، فقالت: إني مخبرتك خبرًا ولا أحب أن تصنعي شيئًا؛ إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك. قالت: ففارقته ثلاثًا".
هكذا أخرجه في كتاب "أحكام القرآن" وعاد أخرجه فيه مرة أخرى بالإسناد واللفظ، وقال في آخره: "ولم تقل لها حفصة: لا يجوز أن تطلقي ثلاثًا".
فأورده في الأول في خيار الأمة إذا أعتقت، وأورده ثانيًا لجواز جمع الطلاق الثلاث وايقاعه.
هذا حديث صحيح، قد أخرجه مالك في "الموطأ" (?) بالإسناد، وفي آخره: "فقلت: هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق، ففارقته ثلاثًا".
قوله: "وهي أمة يومئذ" لما كانت تحت العبد.
وقوله: "فعتقت" الفعل لها، وهو مفتوح العين والتاء، وكثير ممن لا علم عنده يقول: عُتِق العبد وعُتِقت الأمة بضم العين وكسر التاء، وإنما هو أعتق وأعتقت.
وقولها: "ولا أحب أن تصنعي شيئًا" تريد ترك السرعة والعجلة فيما تجيبها