ويكون بالمدينة أهل حق هم أقرب من غيرهم، ويحتمل أن يؤتى بها أبو بكر الصديق ثم يأمر بردها إلى غير أهل المدينة، وليس في ذلك خبر عن أبي بكر نصير إليه.
فإن قال قائل: فإن عمر كان يحمل على إبل كثيرة إلى الشام والعراق.
قلت: ليست من نعم الصدقة؛ لأنه إنما يحمل على ما يحتمل من الإبل، وأكثر فرائض الإبل لا تحمل أحدًا.
ثم قال: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم -أظنه عن أبيه-: "أن عمر بن الخطاب كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الجزية".
قال: أخبرنا بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله بن (مالك) (?)، عن يحيى بن عبد الله بن (مالك) (1)، عن أبيه: "أنه سأله: أرأيت الإبل التي كان يحمل عليها عمر الغزاة وعثمان بعده؟ قال: أخبرني أبي: أنها إبل الجزية التي كان يبعث بها معاوية وعمرو بن العاص. قلت: وممن كانت تؤخذ؟ قال: من جزية أهل الذمة، وتؤخذ من صدقات بني تغلب، فرائض على وجهها فتبعث ويبتاع بها إبل جلة، فيبعث بها إلى عمر فيحمل عليها".
وقد استدل بهذا الحديث من ذهب إلى أن الكفار غير مخاطبين بشرائع الدين، وإنما خوطبوا بالشهادة، فإذا أقاموا توجهت عليهم بعد ذلك الشرائع والعبادات؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد وجهها مرتبة، وقدم فيها الشهادة، ثم تلاها بالصلاة، ثم بالزكاة.
وفي هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز دفع شيء من صدقات أموال المسلمين إلى غير أهل دينهم؛ لأنه قال: "وتردٌّ على فقرائهم" وهو قول الفقهاء.
وفيه دليل على أنه سنة الصدقة أن تدفع إلى أهل البلد الذي تؤخذ منه، ولا