وبقي قوم من المهاجرين الآخرين والفتحيين فأمر فَعَرَّفَ على كل عشرة واحد، ثم قال: ائتوني بطيب أنفس من، بقي فمن كره فله كذا وكذا من الإبل إلى وقت ذكره، فجاءوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس وعتبة [ابن] (?) بدر، فإنهما أَبَيَا، فلم يكرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك حتى كانا هما تركا، وسلم [لهم] (?) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق من طابت نفسه عن حقه.

وهذا أولى الأمور بعمر بن الخطاب عندنا في السَّواد وفتوحه إن كانت عنوة فهو عندنا كما وصفت ظن، عليه دلالة يقين، وإنما منعنا أن نجعله يقينًا بالدلالة أن الحديث الذي فيه متناقض، فلا ينبغي أن يكون قسم إلا عن أمر عمر ولو تفوت فيه عليه ما ابتغى أن يغيب عنه قسمة ثلاث سنين، ولو كان القسم ليس لمن قسم ما كان لهم منه عوض، ولكن عليهم أن يؤخذ منهم الغلة، والله أعلم كيف كان، ولم أجد فيه حديثًا يثبت، إنما أجدها متناقضة، والذي هو أولى بعمر عندي هو الذي وصفته.

قال البيهقي (?): والأشبه بما انتهى إلينا من أخبار عمر في الأراضي المغنومة: أنه كان يرى قسمتها بين الغانمين كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ثم رأى من المصلحة أن يجعلها وقفًا ليكون لمن بعدهم أيضًا، فكان يحب أن يكون ذلك برضا الغانمين، فجعل يستطيب قلوبهم، وقد روى ابن عمر قال: "أصاب الناس فتيء بالشام وفيهم بلال -وأظنه ذكر معاذ بن جبل- فكتبوا إلى عمر: إن هذا الفيء الذي أصبنا لك خمسه ولنا ما بقي، ليس لأحد منه شيء كما صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر.

فكتب عمر: إنه ليس على ما قلتم ولكني أقفها للمسلمين -فراجعوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015