وقوله: "لولا أني قاسم مسؤل" أي يسألني الله عما أقسمه بينكم لتركتكم على أن تأخذوا ربع السواد، ولكني أرى أن تردوا الربع الذي يخصكم على الناس حتى أجعل جميع السواد بين المسلمين كلهم وأنتم شركاء.

قال الشافعي -رضي الله عنه- ولا أعرف ما أقول في أرض السواد إلا ظنًّا مقرونًا إلى علم، وذلك أفي وجدت أصح حديث يرويه الكوفيون عندهم في السواد ليس فيه بيان، ووجدت أحاديث من أحاديثهم مخالفة، منها:

أنهم يقولون: السواد صلح.

ويقولون: السواد عنوة.

ويقولون: بعض السواد صلح وبعضه عنوة.

ويقولون إن جريرًا البجلي ... فذكر الحديث، ثم قال: وهذا أثبت حديث عندهم فيه. قال: وفي هذا الحديث دلالة إذْ أعطى جريرًا عوضًا من سهمه والمرأة عوضًا من سهم أبيها أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه، فتركوا حقوقهم منه، فجعله وقفًا للمسلمين، فلم يكن عمر ليستطيب أنفس بجيلة ويأخذ من غيرهم بغير طيب نفس؛ لأن بجيلة ومن سواهم سواء، وهذا حلال للإمام لو افتتح اليوم أرضًا عنوة، فأحصى من افتتحها وطابوا نفسًا عن حقوقهم منها أن يجعلها الإمام وقفًا، وحقوقهم منه الأربعة الأخماس، ويوفي أهل الخمس حقهم؛ إلا أن يدع البالغون منهم حقهم فيكون ذلك لهم، والحكم في الأرض كالحكم في المال، وقد سبى النبي - صلى الله عليه وسلم - هوازن، وقسم أربعة أخماسها بين الموجفين، ثم جاءته وفود هوازن مسلمين، فسألوه أن يمن عليهم بأن يرد عليهم ما أُخِذَ منهم، فخيرهم بين الأموال والسبي، فقالوا: خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا فنختار أحسابنا، فترك لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقه وحق أهل بيته، وسمع بذلك المهاجرون فتركوا له حقوقهم، وسمع بذلك الأنصار فتركوا حقوقهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015