قولان:
أحدهما: أنها انتقلت إلى الغزاة المرصدين للجهاد.
والثاني: أن ترصد لمصالح المسلمين كخمس الخمس، وذلك بأن تصرف إلى الغزاة والقضاة وأهل العلم وبناء المساجد والقناطر والسقايات ونحو ذلك.
قال أبو حنيفة: الفيء لا يخمس ويصرف جميعه مصرف الخمس.
وقد قال الشافعي أيضًا: وجملة الفيء ما رَدَّ الله على المسلمين، من المشركين بغير قتال، مثل ما انجلوا عنه فزعًا من المسلمين، ومثل الجزية والخراج والعشور من تجاراتهم، وجميع ذلك يخمس.
وقال في القديم: لا يخمس إلا ما انجلوا عنه فزعًا من المسلمين، ولا يخمس الخراج والجزية، وأما ما كان من الفيء مما لا ينقل ويحول كالدور والأراضي فقد نص الشافعي -رضي الله عنه- أنه يصير وقفًا على من تقدم ذكره من المستحقين، وفي سهم ذوي القربى وجه أنه لا يكون وقفًا عليهم بل هو ملكهم يتصرفون فيه وكما يختارون، وأما قسمة الغنائم فَسَتَرِدُ في موضعها؛ فإن مساق هذا الحديث هو لقسمة الفيء.
ثم أخرج الشافعي -رضي الله عنه- مؤكدًا لذلك عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نورث , ما تركنا فهو صدقة" قال: "وسمعت عمر بن الخطاب ينشد عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير فقال: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض أسمعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما نورث، ما تركناه صدقة؟ قالوا: نعم".
وأخرج هذا المعنى أيضًا من حديث أبي هريرة، وقد تقدم ذكره في كتاب الفرائض، والله أعلم.