ولا يفتقر الإحياء إلى إذن الإمام، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: يفتقر إلى إذنه.
وقال مالك: إن كان قريبًا إلى العمران في موضع يتشاحٌ الناس فيه افتقر، وإلا فلا.
والإحياء لم يرد في السنة مُبَيَّنًا؛ فوجب الرجوع فيه إلى العُرف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلق حكمًا إلا على ما إليه طريق، [فلما] (?) لم يبينه؛ دَلَّ على أن طريقه العرف إذا لم يكن له طريق غيره، ويختلف ذلك باختلاف الغرض واختلاف المقاصد من إحياء الأرضين.
قال الربيع: سألت الشافعي عمن أحيا أرضًا مواتًا، فقال: إذا لم يكن للموات ملك فمن أحياه من أهل الإسلام فهو له دون غيره، ولا أبالي أعطاه السلطان إياه أو لم يعطه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه، وعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان.
قلت: وما الحجة فيما قلت؟ قال: ما رواه مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن بعض أصحابه، وذكر حديث عروة، وحديثه مرسل، وهو مسند كما ذكرناه.
وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، أن عمر قال: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له".
هذا الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (?) إسنادًا ولفظًا وهو مؤكد لحديث عروة المتقدم، وهو الذي أشار الشافعي إليه في كلام الربيع أن مالكًا أخرج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن بعض أصحابه، يعني عمر.
وقال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة وغيره بإسناد غير هذا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه.
قال البيهقي (?): أما ابن عيينة فإنه إنما رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه -