وبينك أبو برزة صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيا أبا برزة في ناحية العسكر، فقالا له هذه القصة، فقال: أترتضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا".

قال هشام بن حسان: [حَدَّثَ] (?) جميل أنه قال: "ما أراكما افترقتما".

تقول: بعت الثوب من فلان أذا بعته إياه، وإنما عداها بـ"مِنْ" حملًا لها على اشتريت، وهذا فاشٍ في العربية، فإنهم يحملون الشيء على نقيضه كما يحملونه على نطيره، والبَيَّاع فَعَّال من البيع، وهذا البناء موضوع للتكثير، أي لمنْ يكثر منه البيع.

ومساق هذا الحديث لبيان المتبايعين إذا تعاقدا على البيع، وأقاما في مكانهما أيامًا لا يفترقان فالخيار لهما، وكذلك لو تماشيا مدة دام الخيار لهما، وقال قوم: إنه لا تزيد الأيام على ثلاثة؛ لأنها منتهى الأمد الثابت شرعًا في الخيار، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناط اللزوم بالتفرق؛ بناء على الغالب، بأن يجري على قرب، فقد يحتمل ترك العسكر لهذين المتبايعين بمنزلة مكان واحد لم يفارقاه، وإن أقاما فيه إلى الغد، ويجوز أن يزيد أن المتبايعين المذكورين تبايعا وهما في الصحراء، ومنزل العسكر واسع، وكل واحد من العسكر به له بقعة تخصه، وقد دام أمر البيع من الصباح إلى الغد، وفي مثل هذا المكان وهذا الزمان يكونان قد تفرقا وسقط الخيار.

والوجه الأول؛ لأن قول أبي داود في آخر الحديث عن هشام بن حسان يشهد لذلك، وقد ذهب الخطابي في "معالم السنن" إلى أن غرض أبي داود من الحديث المعنى الثاني، وكلام هشام بن حسان يأبى ذلك.

وأخبرنا الشافعي -رضي الله عنه-، أخبرنا الثقة، عن حماد بن سلمة، عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015