عباس في الفصل الأول، فيجوز أن يكون هذا رواية من جملة رواياته لولا أنه قد عكس فيه القضية؛ فإنه قال: إن رجلاً سأل هل يحج عن أمه؟ وذاك امرأة سألت هل تحج عن أبيها، إلا أن النسائي أخرج في بعض طرقه مثل هذه الرواية, فيكون غير ذلك الحديث, ولهذه الشبهة أفردناه عن ذلك الحديث، وأشرنا إلى ما فيه من الاختلاف. والله أعلم.
وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا مالك -أو غيره- عن أيوب، عن ابن سيرين أن رجلاً جعل على نفسه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب، فيحلب ويشرب ويسقيه إلا حج وحج به معه، فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ -وقد كبر الشيخ- فجاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره الخبر، فقال: إن أبي قد كبر ولا يستطيع أن يحج، أفأحج عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم".
هذا الحديث أخرجه الشافعي في كتاب اختلافه مع مالك (?)، مستدلًا به على مخالفته إياه.
وقوله: جعل على نفسه يريد: النذر.
والحلب -بفتح اللام-: حلب الإبل والبقر والغنم، تقول حلبت الناقة أحلبها حلبًا، والمراد: أنه نذر متى كبر له ولد حتى صار يمكنه أن يحلب فيشرب ويسقيه حج وحج معه.
والذي في قوله: "فبلغ رجل من ولده الذي قال" في موضع نصب لأنه مفعول بلغ، تقديره: فبلغ بعض أولاده الأمر الذي قاله الشيخ، يعني: أنه بلغ أن يحلب فيشرب ويسقيه.
وقد أخرج الشافعي في القديم (?): عن رجل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن علي بن أبي طالب قال لشيخ كبير لم يحج: إن شئت فجهز رجلاً يحج عنك.