- صلى الله عليه وسلم - صامه في الجاهلية، وصامه بالمدينة وأمر بصيامه، فلما نزل رمضان كان الفريضة وترك عاشوراء.
قال الشافعي: لا يحتمل قول عائشة ترك عاشوراء، معنى يصح إلا ترك إيجاب صومه، إذ علمنا أن كتاب الله بين لهم أن شهر رمضان المفروض صومه، وأبان ذلك لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو ترك استحباب صومه، وهو أولى الأمرين عندنا به لأن حديث ابن عمر ومعاوية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله لم يكتب صوم يوم عاشوراء على الناس، ولعل عائشة إن كانت تذهب إلى أنه واجب ثم نسخ، قالته لأنه يحتمل أن تكون رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صامه وأمر بصومه، كان صومه فرضًا ثم نسخه ترك أمره: من شاء أن يدع صومه. قال: ولا أحسبها ذهبت إلا إلى المذهب الأول، وأن الأول موافق للقرءان وأن الله فرض الصوم فأبان أنه شهر رمضان ودل حديث ابن عمر ومعاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على مثل معنى القرءان بأن لا فرض في الصوم إلا رمضان، وكذلك قول ابن عباس: ما علمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يومًا يتحرى فضله بالتطوع يصومه.
وجملة مذهب الشافعي في يوم عاشوراء اليوم: أنه مستحب مسنون، وقد اختلف فيه هل كان فرضًا أم لا؟ فظاهر المذهب أنه لم يكن فرضًا وإنما كان مستحبًا، وهذا الذي ذكرناه من كلام الشافعي يشهد لصحته.
وقال بعض الأصحاب: أنه كان واجبًا. وبه يقول أصحاب أبي حنيفة. والله أعلم.
وقد أخرج المزني (?) عن الشافعي، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عبد الرحمن، عن [ابن] (?) أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن عمير، عن عبد الله بن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لئن سلمت إلى قابل