فإن كان لما يؤكل لحمه، فلا يخلو إما أن يكون ذَكِيًّا أو مَيْتَةً، فإن كان ذَكِيًّا فإنه طاهر بالذكاة، وإن كان ميتة فإنه طاهر بالدباغ.
وأما ما لا يؤكل لحمه، فإن الذكاة لا تفيده طهارة، ولكنه يَطْهُرُ بالدباغ، وسواء ذكية وميتة إلا الكلب والخنزير، وما تولد منهما أو من أحدهما، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وإليه ذهب مالك، وأبو حنيفة والثوري.
إلا أن أبا حنيفة قال: إن جلد الكلب يطهر بالدباغ، وقال: إن التذكية تفيد الطهارة.
وذهب الأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وابن المبارك؛ أن الدباغ لاَ يُطَهِّرُ إلا جِلْدَ ما يؤكل لحمه.
وأما أحمد بن حنبل فقال في إحدى الروايتين عنه: إنه لا يطهر من جلود الميتة شيء، مأكولًا كان أو غير مأكول.
وروي ذلك عن عمر، وابن عمر، وعائشة.
وروي هذا القول عن مالك أيضًا، قالوا: كان يقول: إنه يفيدها الطهارة في الظاهر دون الباطن، ويُصَلَّى عليه ولا يصلى فيه، ويستعمل في الأشياء اليابسة دون الرطبة.
قال ابن المنذر: كان الزهري يُنْكِرُ الدباغ، يقول بجلود الميتة على كل حال، تعلقًا بظاهر الحديث، فإنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "فهلا أخذتم إهابها وانتفعتم به" ولم يذكر دباغًا.
وقد تعارضت الروايات على ذكر الدباغ، والإجماع من القائلين بالدباغ على خلافه.
والزيادة في الحديث معمول بها؛ ولا سيما إذا جاءت من الثقة، فالعمل بها أولى.