أهل العلم بالقرءان يخالف في أن الآية الواحدة كلام واحد، وأن الكلام الواحد لا ينزل إلا مجتمعًا متتابعًا، لأن معنى الآية معنى قطع الكلام، قال: أجل. قلت: فإذا صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان يعني في السفر وفرْض شهر رمضان إنما أنزل في الآية، أليس قد علمنا أن الآية بفطر المريض والمسافر رخصة؟ قال: بلى. قلت له: ولم يبق شيء يعرض في شك (?) إلا الأحاديث؟ قال: نعم، ولكن الآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أليس الفطر؟ قلت له: الحديث يببن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفطر، بمعنى نسخ الصوم ولا اختيار الفطر على الصوم، ألا ترى أنه يأمر الناس بالفطر ويقول: "تقووا لعدوكم" ويصوم، ثم يخبر بأنهم أو بعضهم أبوا أن يفطروا إذ صام فأفطر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليفطر من تخلف عن الفطر لصومه بفطره، كما صنع عام الحديبية فإنه أمر الناس أن ينحروا ويحلقوا فأبطؤا، فنحر وحلق ففعلوا، فما قوله: ليس من البر الصيام في السفر؟ قلت: قد أتى به جابر مفسرًا فذكر أن رجلاً أجهده الصوم، فلما علم به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس من البر الصيام في السفر" فاحتمل: ليس من البر أن يبلغ رجل هذا بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة، وقد أرخص الله له وهو صحيح أن يفطر.

ويحتمل: ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم, قال: فكعب بن عاصم لم يقل هذا، قلت: كعب بن عاصم روى حرفًا واحدًا وجابر ساق الحديث، وفي صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - دلالة على ما وصفت لك، وكذلك في أمر حمزة بن عمرو: " [إن شاء صام و] (?) إن شاء أفطر"، وكذلك في قول أنس، قال: فقد قال سعيد بن المسيب: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خياركم الذين سافروا أفطروا وقصروا الصلاة" قلت: وهذا مثل ما وصفنا خياركم الذين يقبلون الرخصة لا يدعونها رغبة عنها, لأن قبول الرخصة حتم يأثم به من تركه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015