قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي لثمان عشرة" وذكر الحديث، قال أبو داود: [روى] (?) خالد الحذاء، عن أبي قلابة بإسناد أيوب مثله.
وهذا الحديث -وإن كان الشافعي وأبو داود قد اتفقا على إخراجه عن شداد ابن أوس- فإن فيه اختلافًا, لأن الشافعي وقَّت الحديث بزمان الفتح في ثامن عشر رمضان، وفي هذا الوقت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وفي رواية أبي داود قد قيده بالبقيع في هذا التاريخ أيضًا والبقيع بالمدينة، فكيف يكون في ثامن عشر الشهر بمكة والمدينة؟ إلا أن يقال: إن ذلك في سنتين مع رجلين، ويكون شداد روى الحادثتين -والله أعلم.
وزمان الفتح منصوب على الظرف.
وقوله: "وهو آخذ بيدي" زيادة في تأكيد صحة النقل، وأنني كنت منه المنزلة من القرب بحيث أسمع قوله وأحفظه وأفهمه.
وقوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" فأما المحجوم: فعلى قول من ذهب إلى الحجامة تفطر، وقد تقدم ذكر المذاهب في ذلك وأما الحاجم: فلما عسى أن يسبق حلقه من دم الحجامة، فربما وصل إلى جوفه فأفطر به.
وأما من لم ير الحجامة مفطرة: فإنه جعل هذا الحديث على تقدير: أنهما قد تعرضا للإفطار بمباشرة أسبابها:
أما المحجوم: فلأنه ربما أضعفته الحجامة فأحوجته إلى الإفطار بمباشرة أسبابها.
وأما الحاجم: فلما قلناه من المباشرة لما لا يؤمن معه الإفطار، وهذا كما يقال لمن يتعرض للهلاك: قد هلك فلان، وإن كان باقيًا سالمًا وإنما يراد به إشرافه على الهلاك.