وقد عاد الشافعي فأخرج هذه الرواية في كتاب "اختلاف الحديث".

وأما مسلم (?): فأخرجه عن يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر، عن إسماعيل ابن جعفر، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر.

وأما أبو داود (?): فأخرجه عن القعنبي، عن مالك، وقال: أعلمكم بما أتبع.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام" فيه من الفائدة ما لا خفاء به، وذلك لما سأله عن حاله إذا أصبح جنبًا وهو صائم، أراد أن يجيبه بأبلغ ما يكون من الأجوبة التي تقرر في نفسه الجواب عن مسألته، وأخبره أنه تجري له هذه الحال التي سأل عنها، بأنه يصوم معها وأن لك فيَّ أسوة وفيَّ قدوة, لأنه مع كونه أكثر احتياطًا في أمر الدين من أمته، وأشد تحريًا وأكثر مؤاخذة إذا كان يباشر هذا الأمر، فما الظن بآحاد الأمة؟! ولأنه - صلى الله عليه وسلم - مشرع فإذا فعل فعلًا ولم يعتبر بمنع أمته من فعل مثله، كان ذلك الفعل إمًا واجبًا، أو مباحًا، أو مندوبًا، أو غير ذلك ولما كان السائل يعرف (?) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فبنى الفرق بينه وبين آحاد الأمة اعترض عليه بما قال؛ ظنًا منه أن مغفرة الله تحمله على التسامح والتساهل في الأخذ بالعزيمة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما غضب: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي" فصدَّر كلامه بالقسم تأكيدًا له ثم إنه يغض من نفسه ووضع من حقه، فقال: "إني لأرجو" ولم يقل: "إني أخشاكم وأعلمكم"، إنما جعل ذلك تعلقًا بالرجاء مستعملًا صالح الأدب في قوله وفعله مع الله -عز وجل-.

وقوله: "وأعلمكم بما أتقي" أي بما أحذر وأحتاط فيه لنفسي.

والذي ذهب إليه الشافعي: أن من أصبح جنبًا في شهر رمضان من جماع أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015