ما يوجبه العقل ويقتضيه التوسع العربي، إلا أنهم لا يطلقونها إطلاق المجسمة والمشبهة، بل هم مع ترك تأويلها ينفون التجسيم والتشبيه، ويقولون: إن هذه الأسماء هي صفات الله -عز وجل- منها ما يسمى يدًا، ومنها ما يسمى وجهًا، ومنها ما يسمى عينا ونحو ذلك، وهؤلاء هم أكثر أهل الحديث وخلق كثير من السلف ومن قال بقولهم، حتى إن أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- لم يؤول من الأحاديث الواردة في هذا الفن إلا ثلاثة أحاديث: أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن".

والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن".

والثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض". وما لتخصيص هذه الأحاديث بالتأويل (?) معنى تنفرد به عن غيرها من أحاديث الصفات، على أن هذا طريق صالح حميد العاقبة مأمون الغائلة، وصاحبه غير مؤاخذ بجريمة ولا مطالب بعظيمة فإن الإقدام على الأشياء المشكلة مخطر، والجرأة على فتح باب التأويل مزلة قدم، إلا من وفقه الله للوقوف على حقائق الأشياء، وإدراك خفايا الألفاظ ومدلولاتها والإحاطة بأسرار الشريعة، وهم العلماء الأكياس الذين أتوا دار هذا العلم من بابها، وسلكوا محجته من مشارعها وجهاتها، فسهل الله سبحانه لهم نيل الأرب، وسنى لهم حصول الطلب، وهم الذين مدحهم الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015