قال البيهقي (?): وأبو سعيد الخدري كان في المدينة أيام أبي بكر وعمر وعثمان، وكان يعطي زكاة فطره وأهل بيته إلى كل واحد منهم، ومن المحال أن يقع هذا التعديل من واحد منهم، ثم إذا فعله معاوية ينكره أبو سعيد هذا الإنكار وقد روى عبد بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض بن عبد الله قال: قال أبو سعيد -وذكر عنده زكاة الفطر- وقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صاعًا من تمر، أو صاعًا من حنطة، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقط، فقال له رجل من القوم: أو مدين من القمح؟ فقال: لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها.

وقد ذكر جماعة من الحفاظ: زعموا أن المحفوظ صاعًا من طعام من كذا، صاعًا من كذا. يعنون بغير "أو" على طريقة التفسير، إلا أنه قد تواترت الروايات عن عياض بن عبد الله -وهو من الثقات الأثبات- عن أبي سعيد بأن التعديل إنما كان من معاوية، وأنه أنكر ما فعله من ذلك، فثبت بحديث أبي سعيد وحديث ابن عمر خطأ الروايات التي ذكر فيها: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف صاع من بر" وثبت بحديث أبي سعيد أن التعديل كان من معاوية، خلاف قول من زعم أن ذلك كان من جهة جماعة الصحابة، وكيف يجوز دعوى الإجماع فيه وأبو سعيد ينكره على معاوية؟.

وقد أخرج المزني [عن الشافعي بإسناده إلى عقيل بن خالد القرشي] (?) وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر: عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر مدين من حنطة".

قال الشافعي: حديث مدين خطأ وإنما قال ذلك لأن التعديل إنما وقع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد متصل، وحديث ابن المسيب منقطع، فكان الأخذ بالمتصل أولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015