للعباسيين (?).

ومن ذلك ما قاله حماد بن زيد قال:" وضعت الزنادقة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة عشر ألف حديث منهم عبد الكريم بن ابي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي، ولما أخذ ليضرب عنقه قال وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام " (?).

بل فشا الكذب، حتى بلغ الأمر بضعاف الدين والنفوس أنهم يضعون الأحاديث المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل مكسب مادي، أو التزلف إلى السلطان! ومن

ذلك: أن المهدي كان يحب الحمام ويشتهيها فأدخل عليه غياث بن إبراهيم فقيل له:" حدث أمير المؤمنين؟ فحدث بحديث أبى هريرة:" لا سبق إلا في حافر أو نصل أو جناح ". فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم. فلما قام قال المهدي: أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما استجلبت ذلك أنا. فأمر بالحمام فذبحت، وقال: من أجلها هذا كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ذكر غياثاً بعد ذلك " (?).

وكذا الخلافات المذهبية الفقهية والكلامية، وأحاديث أهل الترغيب والترهيب، التي شاعت آنذاك لمواجهة ضعف التدين والعبادة.

وأحاديث القصاصين الذين يستثيرون عاطفة عامة الناس لابتزاز أموالهم، أو لموافقة رغبات الحكام آنذاك، حتى قال أحدهم للخليفة المهدي: إن شئت وضعت لك أحاديث في فضل العباس! (?).فهذه الأمثلة توضح مدى الصعوبة التي واجهها علماء المسلمين، وخاصة علماء الحديث، الذين رزقوا الفهم مع العلم، والبصيرة مع الحفظ، فلم يقفوا مكتوفي الأيدي بل دققوا المتون وفتشوا الأسانيد، وعروا الكذابين والمنتحلين، فكان أحدهم يعرف الحديث مثلما يعرف أبناءه!،ومن ذلك ما نقله الخطيب في كفايته قال:" قال الربيع بن خثيم: إن من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار نعرفه، وإن من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل ننكره، كتب إلينا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015