ثم تأتي طبقة التابعين وتميزت هذه الطبقة بكتابة الحديث الشريف وتدوينه، فكانوا همزة الوصل بين الصحابة في القرن الأول والمصنفين في بداية القرن الثاني وكان من أبرزهم سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن البصري، وبشير بن نهيك، وهمام بن منبه، وسعيد بن جبير، وقتادة السدوسي، ومحمد بن الحنفية وغيرهم (?).
فاختلطت أنفاسهم بأنفاس الصحابة الكرام ونهموا العلم نهماً، وحفظوا وكتبوا آلاف الأحاديث النبوية، فجمعوا أقوال الصحابة الكرام وفتاويهم، فكانوا حصناً حصيناً للسنة النبوية من كيد المنتحلين، الذين دخلوا الإسلام للطعن فيه، وخاصة بعد الفتوحات الإسلامية الواسعة، وبعد وقوع الفتن والقلاقل بين المسلمين، فظهر الكذابون،
والوضاعون، الذين دسوا في السنة ما ليس منها، فسلط الله عليهم حملة الحديث، وعلماء السنة المشرفة يذودون عنها، ويغربلونها.
طبقة المصنفين:
وفي مطلع القرن الثاني الهجري توفي الصحابة الكرام ويوشك التابعون أن يتوفون، وهم الذين تلقوا عنهم، فكان محدثو هذه الطبقة أمام تراث كبير من السنة النبوية، مضافاً إليهم حديث الوضّاعين والكذابين وخاصة بعد تعمق الخلافات السياسية، وبزوغ رؤوس للفتن، فما برح هؤلاء المغرضون يضعون الأحاديث، ويكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدسوا الأباطيل بما يوافق أهواءهم وأغراضهم فهذا الإمام مالك يقول في فرقة من تلك الفرق: " لا تكلمهم ولا ترد عنهم فإنهم يكذبون " (?) - يعني الرافضة -، ويقول الإمام الشافعي: " ما رأيت في أهل الأهواء قوماً أشهد بالزور من الرافضة " (?).
وقال شريك القاضي في الرافضة: " يضعون الحديث ويتخذونه ديناً " (?).
وفي مقابل هذا وضع بعض جهلة أهل السنة الأحاديث التي ترفع من شأن الصحابة - وهم معدلون برضى الله تعالى عنهم - الذين وضع فيهم الرافضة أحاديث تنتقص منهم، وخاصة في معاوية والأمويين من منطلقات سياسية، وكذا الحال بالنسبة