وهم يكفرون المتعزلة ومن تابعهم والمعتزلة يكفرونهم وكل ذلك نزغة من نزغات الشيطان الرجيم ونبضة من نبضات التعصب البالغ والتعسف العظيم وقد أوضحنا فهذا في مؤلفاتنا بما لا يبقى بعده ريب لمرتاب.
قوله: "بعد استتابته ثلاثا فأبى".
أقول: الأدلة قد دلت على أن الردة سبب من أسباب القتل وأن هذا السبب مستقل بالسببية كما في حديث: "من بدل دينه فاقتلوه"، ونحوه ولم يصح في الاستتابة والانتظار به أياما شيء من المرفوع ولا تقوم الحجة بغيره فالواجب علينا عند ارتداد المرتد أن تأمره بالرجوع إلى الإسلام والسيف على رأسه فإن أبى ضربنا عنقه حكم الله ومن أحسن من الله حكما وهذا القول هو بمثابة تقديم الدعوى لأهل الكفر إلى الإسلام فإن ذلك يحصل بمجرد قول المسلمين لهم أسلموا أو أعطوا الجزية فإن أبوا عند جواب هذه الكلمة فالسيف هو الحكم العدل والفعل الفصل.
وأما قوله: "والمحارب" فقد تقدم الكلام عليه.
قوله: "والديوث".
أقول: هذه معصية من أعظم المعاصي ورذيلة من أقبح الرذائل وأما أنها توجب سفك دم المسلم واستحلاله فلم يرد في ذلك شيء يصلح للاستدلال به ودماء المسلمين معصومة بعصمة الإسلام لا ينقل عن هذه العصمة إلا ناقل صحيح وليس ها هنا ناقل لا صحيح ولا حسن.
قوله: "والساحر".
أقول: أنص دليل على قتل الساحر حديث جندب عند الترمذي والدارقطني والحاكم والبيهقي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حد الساحر ضربة بالسيف"، وما قيل من أن في إسناده اسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف فيجاب عنه بأن وكيع بن الجراح قال هو ثقة ويؤيده عمل الصحابة واشتهار ذلك بينهم من غير نكير حتى وقع من حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فإنها قتلت جارية لها سحرتها كما رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق وأخرج أحمد وأبو داود وعبد الرزاق والبيهقي أن عمر بن الخطاب قبل موته بشهر كتب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ولا يصح الاحتجاج على عدم القتل بتركة صلى الله عليه وسلم للقتل لليهودي الذي سحره فإنه إنما ترك ذلك لئلا يثير على الناس شرا ولهذا ثبت في الصحيحين [البخاري "10/221"، مسلم "43/2189"] ، وغيرهما [أحمد "6/63، 96"، ابن ماجة "3545"، أن عائشة قالت له: "أفأخرجته" أي أخرجت السحر من البئر لما وصف لها أن الساحر الذي سحره اليهودي لبيد بن الأعصم في بئر ذروان فقال لها: "أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثور على الناس منه شرا" فقد ترك صلى الله عليه وسلم إخراج السحر من البئر لئلا يثور على الناس الشر فبالأولى قتل ذلك الساحر ومما يؤيد القتل للساحر أن الساحر كافر كما تدل عليه الأدلة فقتله بسبب كفره مع ارتكابه لهذه العظيمة التي يفرق بها بين المرء وزوجه.
وأما قوله: "لا المعترف بالتمويه" فلا وجه له لأنه إذا كان الذي فعله سحرا فلا يرفع عنه