ولكنه حسنه الترمذي وأما كون الكف التي تقطع هي اليمنى فللبيان النبوي ولقراءة ابن مسعود {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}
قوله: "فان ثنى غير ما قطع به أو كانت اليمنى باطلة فالرجل اليسرى".
أقول: ظاهر قوله سبحانه: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، أن القطع في السرقة للأيدي وأن اليد اليسار مقدمة على الرجل ولا وجهه للقياس على المحاربة ولم يرد ما تقوم به الحجة في تقديم قطع الرجل على اليد اليسرى ولا يصح أن يقال إنه قد روي بطرق يشهد بعضها لبعض فإن في طرقه كذابين ولا يشهد حديث الكاذب للكاذب ولا يعضده كما هو مقرر في اصطلاح أهل فن الحديث ولكنه أخرج أبو داود والنسائي من حديث كما هو مقرر في اصطلاح أهل فن الحديث ولكنه أخرج أبو داود والنسائي من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقال: "اقتلوه"، فقال يا رسول الله إنما سرق فقال: "اقطعوه" فقطعوه ثم عاد ثانية وثالثة ورابعة فيأتون به للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لهم كما قال أولا حتى أتوا به الخامسة وقد نفذت قوائمه الأربع فقال لهم: "اقتلوه" فهذا الحديث ليس فيه إلا ذكر القطع من غير تعيين رجل ولا يد وما ذكر في بعض طرقه من ذكر الرجل بعد اليد فلا أصل له على أن هذا الحديث نفسه قال فيه النسائي منكر لا أعلم فيه حديثا صحيحا وقال ابن عبد البر منكر لا أصل له وقال الشافعي منسوخ لا خلاف في ذلك مع أنه قد أخرجه النسائي والحاكم من حديث الحارث بن خاطب وأبو نعيم في الحلية من حديث عبد الله بن زيد الجهني وإذا كان المنسوخ هو مجرد القتل بعد قطع الأعضاء الأربعة فلا وجه لقول المصنف ثم يحبس فقط إن عاد وإن كان النسخ لجميع ما اشتمل عليه الحديث فلم يرد ما تقوم به الحجة في قطع الرجل اليسرى بل ولا في قطع اليد اليسرى ويكون الواجب قطع اليمنى على أي صفة كانت فإن كانت قد قطعت لسبب آخر سقط القطع هذا على تقدير أن حديث جابر هذا وما شهد له مما تقوم به الحجة وقد عرفت ما قيل في حديث جابر والمنكر لا يقوم به حجة فيكون الواجب هو قطع اليد اليمنى فقط ولا يجب قطع غيرها إذا سرق مرة أخرى لا رجل ولا يد.
قوله: "ويسقط بالمخالفة".
أقول: لم يرد شي يدل علي هذا السقوط قط والعضو الذي أمر الله بقطعه باق فالخطاب متوجه إليه وعلى الذي قطع غيره القصاص أو الدية وإن كان مخطئا وما قيل مما فيه مخالفة لهذا فهو خبط لسي عليه أثارة من علم والباعث عليه حور الطبيعة ومزيد الرحمة لمن قطعت يسرى يديه أن لا تقطع معها اليمنى فيضحى بلا يدين فما لنا ولهذا ما أدخله في الأحكام الشرعية فإن يده اليسرة قطعت بالجناية عليها على خلاف حكم الله ويده التي أمر الله بقطعها باقية فيقطع بحكم الله سبحانه وإذا صار إلى حالة ليس له فيها يدان فعلى نفسها براقش تجنى.
قوله: "وبعفو كل الخصوم" الخ.
أقول: العفو قبل الرفع مندوب لما أخرجه أبو داود "4376"، والنسائي "4889"، من