أقول: قد استدل القائلون باشتراط الحرز بأدلة منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه أحمد "2/180، 203، 207، 2/186" وأبي داود "4390"، والنسائي "8/84"، والترمذي 1289"، وحسنه الحاكم وصححه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن التمر المعلق فقال: "من أصاب منه بفية من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع" وفي لفظ لأحمد والنسائي: "وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن" وفي لفظ لهما من هذا الحديث في ذكر سرق الماشية التي تؤخذ من مراتعها: "فيها ثمنها مرتين وضرب نكال وما أخذا من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن" ومنها ما أخرجه أحمد وأهل السنن والحاكم والبيهقي وصححه وصححه أيضا ابن حبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر"، ومنها ما أخرجه أحمد "3/380"، وأهل السنن أبو داود 4391، 4392، 4393"، الترمذي "1448"، النسائي "8/88، 89"، والحاكم والبيهقي وصححه الترمذي وابن حبان من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على خائن ولا مختلس قطع"، وأخرج نحوه ابن ماجه "2592"، بإسناد صحيح من حديث عبد الرحمن بن عوف وأخرج نحوه ابن ماجه أيضا والطبراني في الأوسط من حديث أنس.

وهذه الأحاديث قد دل مجموعها على أنه لا قطع على من سرق من غير حرز وعلى أنه يقطع من سرق من حرز كالجرين والعطن ويقويها أن دم المسلم معصوم بعصمة الإسلام فأقل أحوال هذه الأحاديث أن يكون شبهة لا يجب معها القطع على من سرق من غير حرز ولا يعارضها حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قطع المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتحجده كما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن عوانة في صحيحه وأخرجه أيضا مسلم وغيره من حديث عائشة لأنه قد وقع التصريح في رواية الصحيحين وغيرهما أنها سرقت وفي روايةل ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث ابن مسعود أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج هذا الحديث أيضا أبو داود والترمذي فأفاد ذلك أنه قطعت لأجل السرق وذكر جحدها للمتاع للتعريف بها وكأنها قد كانت مشتهرة بهذا الوصف ولا مانع من أن يقع منها الأمران اجحد المتاع والسرق ولو فرضنا أنها قطعت بسبب جحدها للمتاع لكان ذلك في حكم التخصيص للأدلة القاضية باشتراط الحرز ولا معارضة بين عام وخاص.

وأما حديث صفوان بن أمية الذي أخرجه أحمد "6/466"، وأبو داود "4394"، والنسائي "8/69"، وابن ماجه "2595"، في قصة السارق الذي سرق رداءه من المسجد فقطعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه دليل على أن المسجد حرز لما فيه كالجرين والعطن وليس فيه ما يعارض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015