معرفة بذلك المعين وفرضنا أنه لا يوجد في العالم من له مثل حاله فللضرورة إلى إقامته حكمها.

قوله: "وإيقاف المدعي حتى يتضح الأمر فيه".

أقول: هذا إذا اقتضته المصلحة جائز للحاكم فقد يكون للحاكم في ذلك نظر يعين على تبين الحق واتضاح وجهه.

[فصل

وحكمه في الإيقاع والظنيات ينفذ ظاهرا وباطنا لا في الوقوع ففي الظاهر فقط إن خالف الباطن ويجوز امتثال ما حكم به من حد وغيره ويحب بأمر الإمام إلا في قطعي يخالف مذهب الممتثل أوالباطن ولا يلزمان الغير اجتهادهما قبل الحكم إلا فيما يقوى به أمر الإمام كالحقوق والشعار لا فيما يخص نفسه ولا في العبادات مطلقا ويجاب كل من المدعيين إلى من طلب والتقديم بالقرعة ويجيب المنكر إلى أي من في البريد ثم الخارج عنه إن عدم فيه] .

قوله: "فصل: وحكمه في الإيقاع والظنيات" الخ.

أقول: هذا التعرض للمحكوم فيه مع التعرض للفرق بين الإيقاع والوقوع وبين القطعية والظنية كلام قليل التحصيل فإن حكم الحاكم إنما يكون بالمستندات التي ورد الشرع بها وهي ظنية فالحكم بها لا يخرج عن كونه ظنيا ولكنه ورد التعبد بالعمل بهذا الظن وقبوله ووجوب امتثاله ولهذا يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار"، فتقرر بهذا أن حكم الحاكم ظني سواء تعلق بمحكوم فيه قطعي أو ظني في إيقاع أو وقوع فلا ينفذ إلا ظاهرا لا باطنا فلا يحل الحرام به ولا يحرم به الحلال للمحكوم له والمحكوم عليه ولكنه يجب امتثاله بحكم الشرع ويجبر من امتنع منه فإن كان المحكوم له يعلم بأن الحكم له به باطل لم يحل له ولا يجوز له استحلاله بمجرد حكم الحاكم من غير فرق وما أظن المصنف ومن يوافقه يخالفون في هذا وإن استلزمه كلامهم ها هنا ولعل التعرض لمثل هذا شعبة من شعب مذهب الحنفية القائلين بأن حكم الحاكم يحلل الحرام ويحرم الحلال وإن كان في نفس الأمر وفي الواقع على غير الصفة التي وقع الحكم عليها وهذه مقالة باطلة وشبهتها ضاحضة وقد دفعها الله سبحانه في كتابه العزيز بقوله: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188] ، ودفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار"، هذا على تقدير أنهم يعممون المسألة في الأموال وغيرها والذي في كتبهم تخصيص ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015