والحاصل أن مثل هذه التعريفات ظلمات بعضها فوق بعض وقد جعل الله لعباده عنها سعة فإنها لا تأتي إلا بمجرد التضييق عليهم وتعسير الشريعة الواضحة التي ليلها كنهارها.
[فصل
ولا تصح على نفي إلا أن يقتضي الإثبات ويتعلق به ومن وكيل خاصم ولا بعد العزل وعلى حاكم أكذبهم ومن تسقط عنهم حقا له كمالك غير مالكهم أو ذي اليد في ولائهم ولغير مدع في حق آدمي محض وعلى القذف قبل المرافعة ومن فرع اختل أصله ولا يحكم بما اختل أهلها قبل الحكم فإن فعل نقض ولو قبل العلم غالبا ولا بما وجد في ديوانه إن لم يذكر وتصح من كل من الشريكين للآخر في المشترك فيفوز كل بما حكم له ولا يتبعض ومن المنهي عن الأداء وممن كان أنكرها غير مصرح وعلى أن ذا الوارث وحده] .
قوله: "فصل: ولا تصح على نفي" الخ.
أقول: هذه الشهادة على النفي قد أفادت في الجملة انتفاء ذلك الشيء في علم الشاهد فإن عورض هذا النفي بالإثبات فهو أرجح منه وأقدم لأنه شهادة عن علم وإن لم يعارض هذا النفي فلا وجه للجزم بعدم صحة الشهادة عليه بدون معارض أنهض منه لأنه قد أفاد في الجملة فائدة معمولا بها مع عدم المعارض ولو لم يكن إلا كون هذه الشهادة عاضدة للأصل ومقوية له فإن العدم مقدم على الوجود ولا وجه لتقييد عدم الصحة بقوله: "إلا أن يقتضي الإثبات" فإن هذه الشهادة المقتضية للإثبات هي شهادة إثبات ولا اعتبار بدخول النفي في لفظها لما عرفناك غير مرة أنه لا اعتبار بمجرد الألفاظ وأن ذلك جمود لا يليق بأهل التحقيق.
قوله: "ولا من وكيل خاصم" الخ.
أقول: إن كان بهذه الخصومة قد صار متهما فقد تقدم عدم قبول شهادة المتهم بالأدلة التي ذكرنا وباشتراط القرآن الكريم أن يكون الشهود عدولا مرضيين والمتهم غير عدل ولا مرضي وإن كان هذا الوكيل بمكان من الثقة والعدالة بحيث لا تؤثر فيه الخصومة تهمة ولا عداوة فلا وجه لرد شهادته لأن نفس تولي الخصومة في حق للغير لا يصلح لكونه مانعا لعدم الدليل على ذلك ولا فرق بين أن يكون الوكيل قد عزل أم لا.
قوله: "وعلى حاكم أكذبهم".
أقول: مراد المصنف أنهم شهدوا عليه بأنه قد حكم فأكذبهم وعدم صحة هذه الشهادة أوضح من الشمس بحيث لا يفتقر إلى التنصيص عليه لأن الحاكم إذا أنكر الحكم لم يبق مستند