وأما قوله: "أن يرعى ولو على كل من الأصلين" إلخ فصحيح إذ ليس المقصود إلا تحمل الفروع لشهادة الأصول فيكفي أن يتحمل الواحد عن الواحد أو كل واحد من الفرعين عن كل واحد من الأصلين ولكن مع العذر المسوغ لذلك كما قدمنا وكما سيأتي للمصنف وإنما ينوبان عن ميت أو معذور أو غائب.
وأما قوله: "لا ذميين عن مسلم" فقد أغنى عن هذا ما تقدم من عدم صحة شهادة الكافر على المسلم من غير فرق بين أصل وفرع.
وأما ما ذكره من قوله اشهد على شهادتي إلخ فقد عرفناك أن اشتراط هذه الألفاظ في غالب الأبواب جمود لا دليل عليه فيكفي أن يأمره بأن يشهد على شهادته بأي لفظ كان وكذلك يكفي الفرع أن يؤدي هذه الشهادة بأي لفظ كان.
وأما قوله: "ولهم تعديلهم" فظاهر لأن الفروع لم يشهدوا بالحق وإنما شهدوا على شهادة من شهد به.
[فصل
ويكفي شاهد أو رعيان على أصل مع امرأتين أو يمين المدعي ولو فاسقا في كل حق لآدمي محض غالبا لا رعي مع أصل ولو أرعاهما صاحبه ومتى صحت شهادة لم تؤثر مزية الأخرى] .
قوله: "فصل: ويكفي شاهد أو رعيان على أصل مع امرأتين أو يمين المدعي".
أقول: هذا صحيح أما كونه يكفي شاهد مع امرأتين فهو نص القرآن الكريم وأما كونه يقوم مقام الأصل رعيان فقد قدمنا الكلام عليه في الفصل الذي قبل هذا وقدمنا أيضا الأدلة الدالة على جواز الحكم بشاهد ويمين المدعي عند قول المصنف: "ولا ترد المتممة" فارجع إليه وهكذا قوله: ولو فاسقا فإن الدليل الصحيح قد دل على ذلك كما تقدم في قصة الحضرمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: "شاهداك أو يمينه": يا رسول الله إنه رجل فاجر لا يبالي على ما حلف فقال: "ليس لك إلا ذلك".
وأما قوله: "في كل حق لآدمي محض" فقد قدمنا ما يعتبر من الشهادة في كل مشهود فيه فلا نعيده.
قوله: "ومتى صحت شهادة لم تؤثر مزية الأخرى".
أقول: هذا سد لباب الترجيح وردم لطريق هي أوسع الطرق ساحة ومعلوم أن ارتفاع إحدى الشهادتين المتعارضتين بأي مزية من المزايا تصيرها راجحة فتكون الأخرى مرجوحة والظن لصحة الراجحة أقوى كما أنه بصحة المرجوحة أنقص وقد تبلغ إلى مرتبة لا يبقى