ينتفع بها المشهود له وهي إذا احتاجت إلى قطع مسافة فلا يصدق على الشاهد أنه قد أدى الشهادة إلا بذلك وإلا كان داخلا في قوله: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 182"، وفي قوله: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] ، وتاركا لما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
[فصل
ويشترط لفظها وحسن الأداء وإلا أعيدت وظن العدالة وإلا لم يصح وإن رضي الخصم وحضوره أو نائبه ويجوز للتهمة تحليفهم وتفريقهم إلا في شهادة زنا ولا يسألون عن سبب ملك شهدوا به] .
قوله: "فصل: ويشترط لفظها".
أقول: المراد بالشهادة الإخبار بما يعلمه الشاهد عند التحاكم إلى الحاكم بأي لفظ كان وعلى أي صفة وقع ولا يعتبر إلا أن يأتي بكلام مفهوم يفهمه سامعه فإذا قال مثلا رأيت كذا وكذا أو سمعت كذا وكذا فهذه شهادة شرعية وقد أحسن المحقق ابن القيم حيث قال في فوائده ليس مع اشتراط لفظ الشهادة فيها دليل لا من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح انتهى وقد قدمنا لك في كثير من الأبواب أن اشتراط الألفاظ إنما هو صنيع من لم يمعن النظر في حقائق الأشياء ولا وصل إلى الألفاظ غير مرادة لذاتها وإنما هي قوالب للمعاني تؤدى بها فإذا حصلت التأدية للمعنى المراد فاشتراط زيادة على ذلك لم تدل عليه رواية ولا دراية وهكذا قوله وحسن الأداء لا وجه له من عقل ولا نقل ولا ورد فيه شيء وليس المراد إلا انفهام المعنى المراد من كلامه وإن جاء بعبارة غير حسنة وألفاظ غير مأنوسة فليس المقام مقام بلاغة حتى يقال إنه يشترط حسن الأداء بل المقام مقام إخبار بما علمه الشاهد ولو بالرطانة واللغة المستعجمة إذا كان يفهم عنه ذلك ويصح بمجرد الإشارة المفهمة من القادر على النطق وبالكتابة.
قوله: "وظن العدالة".
أقول: عدالة الشهود هي الشرط الذي تبنى عليه القناطر ويترتب عليه القبول وهي الشرط الذي لم يشترط الله سبحانه في كتابه غيره ولا نبه على سواه بقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، والمراد بهذه العدالة أن يعلم الحاكم أو يخبره من له اطلاع على حال الشهود أنهم حال تأدية الشهادة قائمين بما أوجبه الله عليهم تاركين لما نهاهم عنه ليسوا ممن يجتريء على الكذب ولا كانوا ممن شمله الحديث الذي أخرجه أحمد "2/204، 225، 226، وأبو داود "3600"، وابن ماجه "2366"، والبيهقي بسند