وأما قوله: "وفيما عدا ذلك رجلان" إلخ فهو نص القرآن الكريم وهو يشتمل على كل خصومة إلا ما خص بدليل.
وأما قوله: "أو يمين المدعي" فقد قدمنا الأدلة الدالة على وجوب العمل بالشاهد واليمين عند قول المصنف ولا ترد المتممة فلا نعيده.
[فصل
ويجب على متحملها الأداء لكل أحد حتى يصل إلى حقه في القطعي مطلقا وفي الظني إلى حاكم محق فقط وإن بعد إلا لشرط إلا لخشية فوت فيجب وإن لم يتحمل إلا لخوف وتطيب الأجرة فيهما]
قوله: "فصل: ويجب على متحملها الأداء لكل أحد".
أقول: وجه هذا قول الله عزوجل: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقر: 282] ، فإنه يدل على وجوب تحمل الشهادة على من دعي إليها وعلى وجوب تأديتها لمن طلب تأديتها إلى الحاكم ومما يدل على الوجوب قوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] ، وأيضا قد تقرر وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأدلة القطعية ووجب تأدية الشهادة من هذا القبيل لا سيما عند خشية فوت الحق وعلى هذا حمل حديث: "ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي تأتي شهادته قبل أن يسألها"، وهو في صحيح مسلم "19/1719"، وغيره أحمد "5/193"، أبو داود "3596"، الترمذي "2296"، من حديث زيد بن خالد الجهني ولا فرق بين أن يكون الحق قطعيا أو ظنيا لأن الشاهد عليه أن يؤدي شهادته إلى الحاكم وعلى الحاكم أن يحكم بما يصح لديه.
وأما قوله: "إلى حاكم محق" فجمود ظاهر لا وجه له ولا دليل عليه بل يجب عليه أن يؤدي الشهادة إلى من يقيم الحق ويأخذ على يد من هو لديه حتى يرده على أي صفة كان ولو كان غير قاض إذا علم الشاهد أنه يقدر على إيصال من له الحق بحقه ووجه هذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالسعي في إثباته بكل ممكن وهكذا الآية وهي قوله: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} فإن الشهود إذا دعاهم المشهود له إلى من يرجو منه إنفاذ الحق فقد وجب عليهم أن لا يأبوا من الإجابة وإلا كانوا واقعين في النهي القرآني وبهذا تعرف صحة قول المصنف وإن بعد وعدم صحة قوله إلا لشرط فإن اشتراط ما أمر الله بخلافه لا يجوز.
وأما قوله: "وتطيب الأجرة" فهذه الأجرة على واجب وقد قدمنا الكلام على ذلك في الإجارات والقول بأن الواجب مجرد التأدية لا قطع المسافة غير صواب بل الواجب التأدية التي