كان عرفه مخالفا لها وهذا ظن باطل وخيال مختل وتوهم فاسد وإن كان ما ذكره المصنف في بعض هذه الصور بيانا للمعنى اللغوي أو الشرعي فقد عرفت أنه لا يصار إلى ذلك إلا عند عدم العرف.
[فصل
ويحنث المطلق بتعذر الفعل بعد إمكانه والمؤقت بخروج آخره متمكنا من البر والحنث ولم يبر والحالف من الجنس ببعضه ولو منحصرا إلا في عدد منصوص وما لا يسمى كله ببعضه كالرغيف وإلا مثبت المنحصر والمحلوف عليه والمعطوف بالواو فبمجموعه لا مع لا أو باو فبواحد فينحل ويصح الاستثناء متصلا غير مستغرق وبالنية دينا فقط وإن لم يلفظ بعموم المخصوص إلا من عدد منصوص ولا تكرر الكفارة بتكرر اليمين أو القسم ما لم يتعدد الجزاء ولو مخاطبا بنحو لا كلمتك] .
قوله: "فصل: ويحنث المطلق بتعذر الفعل بعد إمكانه".
أقول: هذا كلام معقول المعنى واضح الوجه فإن المحلوف عليه إذا أمكن ثم تعذر بعد الإمكان فقد حصل الحنث بعدم إمكان الوفاء ولا فرق بين أن يكون واجبا أو حراما وأما وجوب فعل الواجب وتحريم فعل الحرام فأمره راجع إلى صفة الفعل فما كان يجب عليه فيه الفعل واجب وما كان يجب عليه فيه الترك ترك.
وأما اعتبار الإمكان فوجهه أنه لو لم يتمكن بوجه من الوجوه ولا تراخى فيما يجب عليه فيه الفعل أو الترك فورا لكان التكليف به من تكليف ما لا يطاق وهو ممنوع.
وما ذكره من أنه يحنث بانقضاء وقت المؤقت مع التمكن من البر والحنث فذلك صحيح لأن الحلف لما أضيف إلى الوقت كان معتبرا فلا يمكن البر بعد خروجه.
قوله: "والحالف من الجنس ببعضه ولو منحصرا".
أقول: قد تقرر أن دخول الألف واللام على الجموع يوجب هدم الجمعية ومصيرها للجنس فإذا حلف لا يلبس الثياب ولا يركب الدواب حنث بلبس ثوب واحد وركوب دابة واحدة وهكذا ولو قال لا لبس ثيابه ولا ركب دوابه فإن الإضافة تفيد مفاد اللام ولا ينبغي أن يقال في مثل هذا إن المعنى الحقيقي يشمل الجميع فلا يحنث إلا بلبس الجميع أو ركوب الجميع لأنا نقول ها هنا أمر هو قرينة قوية على عدم إرادة المعنى الحقيقي وهو ما ذكرنا من انهدام معنى الجمعية وأما المحصور بالعدد فلا شك أن الحنث أو البر لا يكون إلا بذلك العدد ولو قيل أنه يحنث بالبعض لكان معنى العدد ضائعا.