ويتأبد مؤقته ويتقيد بالشرط والاستثناء فيصح وقف أرض لما شاء ويستثنى غلتها لما شاء ولو عن أي حق فيهما وإلا تبعت الرقبة قيل ولا تسقط ما أسقطت وله أن يعين مصرفها] .
قوله: "فصل: ويعود للواقف أو وارثه بزوال مصرفه ووارثه".
أقول: الوقف تحبيس مؤيد ورجوعه إلى الواقف ووارثه عند انقطاع مصرفه يخالف التحبيس والتأبيد فإن قلت إذا زال مصرفه الذي وقفه عليه الواقف فماذا يكون وإلى أين يصير قلت ينبغي أن يصرف في مصرف مماثل لذلك المصرف الذي كان الصرف إليه كما يقتضيه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها"، [البخاري "5/354"، مسلم "15/1632"، وفي لفظ: "حبس أصلها وسبل ثمرتها"، فبقاء العين الموقوفة على ما يوجبه الوقف هو معنى التحبيس وزوال مصرفه لا يرفع هذا التحبيس لأنه تحبيس مطلق ولو كان مقيدا ببقاء المصرف لم يكن وقفا وسيأتي للمصنف أن رقبة الوقف النافذ وفروعه ملك لله محبسة للانتفاع فكيف يعود ما قد صار ملكا لله للواقف أو وارثه وهكذا لا يعود بزوال شرطه لأن هذا شرط يخالف موجب الوقف ويرفعه وهكذا لا يصلح قوله أو وقته لأن التوقيت يخالف ما يقتضيه الوقف من التحبيس المؤبد وقد حمل هذا على وقت الصرف لا وقت الوقف لما سيأتي للمصنف من قوله ويتأبد مؤقته وهكذا لا تورث منافعه لأن منافع ما قد صار محبسا لله عزوجل تحبيسا مؤبدا هي لله عزوجل.
وأما قوله: "ويتأبد مؤقته" فظاهر ولا يكون وقفا إلا بذلك.
وأما قوله: "ويتقيد بالشرط" فمعناه أنه إذا قيد إيقاع الوقف منه بشرط تقيد كأن يقول إن شفى الله مريضي فقد وقفت كذا وهكذا يتقيد بالاستثناء لأنه ملكه فيخرج منه بالاستثناء ما شاء ومن هذا قوله ويصح وقف أرض لما شاء ويستثني غلتها لما شاء وبعد أن يستوفي المصرف الذي استثنى الغلة له ما هو عليه من زكاة أو مظلمة أو نحوهما أن يعين مصرف الوقف ولا مانع من ذلك.
[فصل
ومن فعل في شيء ما ظاهره التسبيل خرج عن ملكه كنصيب جسر وتعليق باب في مسجد لا نحو قنديل ولا اقتطاع أو شراء بنيته له ومتى كملت شروط المسجد صح الوقف عليه وهي أن يلفظ بنية تسبيله سفلا وعلوا أو يبنيه ناويا ويفتح بابه إلى ما الناس فيه على سواء مع كونه في ملك أو مباح محض أو حق عام بإذن الإمام ولا ضرر فيه ولا