يذكره المفرعون في هذا المقام من أن الوقف على المعينين من الأولاد كل واحد منهم بموته ويقال لهذا وقف عين وأن الوقف على أولاده من غير تعيين تبقى فيهم حتى ينقرض الآخر ويعود لورثتهم ويقال لهذا وقف جنس.
وأما قوله: "ومثنى فصاعد بالفاء أو ثم لهم ما تناسلوا" فلا بد أن يقيد هذا بأنه عرف من قصده أنه أراد الأولاد ثم أولادهم ثم من بعدهم طبقة بعد طبقة أما لو قال أولادي ثم أولادهم واقتصر على هذا فإنه لا يتناول من بعد هاتين الطبقتين بل تشترك فيه الطبقة الأولى ثم الطبقة الثانية يصير نصيب كل واحد إلى ورثته كما قدمنا والعموم الكائن في قوله: ثم أولادهم هو باعتبار أهل تلك الطبقة المضافة إلى الأولاد باعتبار كل من يحدث من الطبقات الكائنة بعدهم.
قوله: "والقرابة والأقارب لمن ولده جد أبويه".
أقول: القرابة والأقارب معروفان في لغة العرب مدونان في كتب اللغة فإن كان ثم عرف تعين عليه حمل كلام الواقف فهو مقدم لأن كلامه لا يكون إلا على العرف الجاري بين أهل عصره وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربي المذكور في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] ، بني بتين هاشم وبني المطلب فعاتبه بعض بني أمية في إدخال بني المطلب في القسمة وإخراج بني أمية مع كونهم في القرابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا لهم وجه التخصيص لبني المطلب بأنهم لم يفارقوه في جاهلية ولا إسلام فكان هذا هو المقتضي لدخولهم مع بني هاشم ولم يدخلوا لكونهم من ذوي القربى. [البخاري "3140"، أحمد 4/81، 83، 85،"، أبو داود "2978"، النسائي "4136"، ابن ماجة "2881"] .
وأما قوله: "والأقرب فالأقرب لأقربهم إليه نسبا" فوجهه أن هذا العطف الكائن بين صيغتي التفصيل يدل على اعتبار الأقرب إلى الواقف ثم الأقرب فيقدم أقربهم إليه ثم من يليه ثم كذلك.
وأما قوله: "والأستر للأورع" فوجهه أن التمسك بالورع قد أخذ بأعلى أنواع الستر إلا أن يجري عرف يحمل عليه كلام الواقف بخلاف ذلك فهو مقدم.
وأما قوله: "والوارث لذي الإرث" فظاهر لأنه لا يريد إلا من يرثه بغير واسطة فإن قصد ما هو أعم من ذلك وجرى به عرفه وعرف أهل بلده حمل كلامه عليه.
وأما قوله: "وهذا الفلاني" الخ فلا وجه له وإن كانت الإشارة أقوى لكن المقاصد هي المعتبرة فإن قصد المسمى ولم يرد غيره فلا يتناول هذا التركيب من أشار إليه لأنه لا يخرج ماله عن ملكه إلا بطيبة من نفسه فلا يكون إلا لمن قصده.
[فصل
ويعود للواقف أو وارثه بزوال مصرفه ووارثه أو شرطه أو وقته وتورث منافعه