وليس النطق بالقربة معتبرا بل المراد القصد لذلك عند إرادة فعل هذه الخصلة الصالحة والصدقة الجارية والحبسة الدائمة والثواب المستمرة النفع.
[فصل
ولا يصح مع ذكر المصرف إلا منحصرا ويخصص أو متضمنا للقربة ويصرف في الجنس ويغني عن ذكره ذكر القربة مطلقا أو قصدها مع التصريح فقط ويكون فيهما للفقراء مطلقا وله بعد تعيين المصرف وإذا عين موضعا للصرف أو للانتفاع تعين ولا يبطل المصرف بزواله] .
قوله: "فصل: ولا يصح مع ذكر المصرف إلا منحصرا".
أقول: مقصود الوقف الذي يصح عنده هو قصد التقرب إلى الله عزوجل فإذا كان المصرف توجد فيه أو في بعضه القربة بالصرف إليه فالوقف صحيح ويصرف في الذي فيه القربة لا فيمن لا قربة فيه ولا وجه لاشتراط الانحصار أصلا فإن القربة إذا كانت موجودة في غير المنحصر لم يبق شك في صحة الوقف وعدم وجود المانع من صحته فإن أراد بهذا الكلام أنه لا يصح الوقف مع ذكر المصرف وعدم ذكر القربة إلا إذا كان منحصرا لأنه إذا كان المنحصر في الحال لا قربة فيه كالأغنياء فقد توجد القربة بافتقار من يفتقر منهم أو انتقاله عنهم إلى من بعدهم ممن ليس بغني فإن كان مراده هذا فما أقل فائدة هذا الكلام مع عدم دلالة كلامه عليه.
وأما قوله: "ويخصص" فوجهه أنه قد صار لكل واحد من المصرف المنحصرين حق في ذلك الوقف.
وأما قوله: "أو مضمنا للقربة" فظاهر كأن يقول وقفت هذا على الفقراء أو على المجاهدين ويصرف في حبس المتصفين بتلك الصفة وقد أطال المصنف في غير طائل وكان يغنيه عن هذا كله أن يقول ولا يصح إلا مع قصد القربة ويخصص في المنحصر.
وأما قوله: "ويكون فيهما للفقراء مطلقا" فلا وجه له بل يكون لأي صنف من الأصناف التي توجد فيهم القربة أو في الأفراد من كل هذه الأصناف أو بعضها للقطع بأن الصرف في المجاهدين أو فك أسرى المسلمين إذا لم تكن القربة فيه أظهر من مطلق الفقراء فهو مثله.
وأما قوله: "وله بعد تعيين المصرف" فظاهر لأنه مع عدم التعيين في الابتداء مفوض في صرف وقفه في أي مصرف شاء وهكذا قوله وإذا عين موضعا للصرف أو الانتفاع تعين لأن له أن يختار لنفسه ما أراد ولا حجر عليه.
وأما قوله: "ولا يبطل المصرف بزواله" فيرجع في ذلك إلى ما يعرف من قصده فإن عرف من قصده أن هذا الموضع المعين إذا زال صرف في موضع آخر مماثل له فلا يبطل المصرف