[فصل
ولا يجوز مطلقا بيع الحر فيؤدب العالم ويرد القابض إلا الصبي ما أتلف فأن غاب منقطعة فالمدلس ويرجع وإلا فلا ولا أم الولد والنجس وماء الفحل للضراب وأرض مكة وما لا نفع فيه مطلقا] .
قوله: "فصل: ولا يجوز مطلقا بيع الحر".
أقول: تحريم هذا من قطعيات الشريعة وإجماع أهل الإسلام على التحريم معلوم ولا يحتاج إلي الاستدلال على مثله والتعرض بما يستحقه الفاعل لهذا الحرام غير مناسب للمقام بل الذى يستحقه من العقوبة هو سخط الله عليه وغضبه وأليم عقابه ولم يرد على ذلك في الشريعة عقوبة معينة في الدنيا ولا هو من الأمور التى يجب الحد على فاعلها فقول المصنف فيؤدب العالم كلام في غير موضعه وعلى غير قانون الشرع وأما كونه يرد البائع ما قبضه من قيمة الحر فواضح لا يحتاج إلي ذكره.
وقوله: "إلا الصبي ما أتلف" فلا يخفى أن ذلك جناية منه على المشتري والصبي يضمن ما جناه لأن ذلك من أحكام الوضع لا من أحكام التكليف فلا وجه لإسقاط الضمان عنه سواء باع نفسه أو غيره.
وأما قوله: "فإن غاب منقطعة فالمدلس" فكان الأولى أن يقول فإن لم يمكن الرجوع عليه فعلى المدلس ولا وجه للتنصيص على مجرد الغربة الموصوفة بالانقطاع فإن افتقاره وموته ولا مال له كذلك ووجه تضمين المدلس أنه مشارك بتدليسه في الجناية الواقعة من البائع.
قوله: "ولا أم الولد".
أقول: استدل المانعون بحديث ابن عباس عن ابن ماجه والدارقطني والبيهقي قال ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعتقها ولدها"، وفي إسناده حسين بن عبد الله الهاشمي وهو ضعيف قال البيهقي وروى عن ابن عباس من قوله ورواه البيهقي من حديث ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال لأم إبراهيم: "أعتقك ولدك"، وهو معضل ورواه ابن حزم من طريق قاسم بن أصبغ عن محمد بن مصعب عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس فذكره وقال صح هذا بسند رواته ثقات يعني هذا السند الذى ذكره وتعقبه ابن القطان بأن قوله عن محمد بن مصعب خطأ وإنما هو عن محمد وهو ابن وضاح عن مصعب وهو ابن سعيد المصيصي وفيه ضعف.
وأخرج أحمد وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عند دبر منه"، وفي إسناده حسين بن عبد الله الهاشمي وهو ضعيف كما تقدم ورجع جماعة وقفه وأخرج الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال: "لا يبعن ولا يوهبن