جواز بيع القصيل مطلقا ولا وجه لقول المصنف وإلا فمن الشريك فقط لأنه تخصيص للحديثين المذكورين بغير مخصص وأما توهم أن الشريكين لا يقسمان الزرع إلا عند الحصاد فغير صحيح فإنه قد يتعلق لهما غرض بالقسمة قبل ذلك على أن مثل هذا لو صح لم يصح مخصصا لجواز تلف الزرع قبل بلوغ وقت الحصاد وذلك هو العلة في النهي عن البيع.

قوله: "قيل: وكامن يدل فرعه عليه".

أقول: إن كانت هذه الدلالة بحيث تتميز عند البائع والمشتري ويعرفان كيفيته وكميته كان ذلك خارجا عن بيع الغرر المنهى عنه وإن كانت هذه الدلالة قاصرة عن ذلك فلا يحل بيعه حتى يخرج ذلك الكامن من الأرض ويحصل الإطلاع عليه ومعرفته بالكنه ومن جوز ذلك مستدلا بما جرت عليه عادة الناس فلم يصب فإن مثل ذلك لا يصلح لتخصيص الأدلة وأما قوله وملصق كالفص ونحوه فإن كان مجرد الإلصاق لا يوجب الجهالة فالبيع صحيح وإلا فلا لأنه من بيع الغرر وأما الفصل للفص فمرجعه تراضيهما فإن تراضيا على ذلك صح سواء حصل التضرر أم لم يحصل وأما تخييرهما قبل الفصل فوجهه أنه إذا كان في الفصل مضرة على الملصق أو الملصق به ولم يحصل التراضي عليه كان ذلك في حكم تعذر تسليم المبيع وسيأتي أنه من الخيارات المذكورة في باب الخيارات.

قوله: "وصبرة" إلي قوله: "جزافا".

أقول: جاز بيع الجزاف بالدليل الذى خصصه من أحاديث النهي عن بيع الغرر وهو ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر قال كانوا يبتاعون الطعام جزافا على السوق فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه قال ابن قدامة يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشتري قدرها انتهى.

وإنما قلنا إن الدليل الوارد بجواز بيع الجزاف مخصص لأحاديث النهي عن بيع الغرر لأن في بيع الجزاف غررا في الجملة إذ الجزاف هو ما لم يعلم قدره على التفصيل.

وأما قوله: "غير مستثن إلا مشاعا" فوجهه أن الاستثناء يزيد في الجهالة الكائنة في الصبرة زيادة على الجهالة التى خصصها الدليل فلا يدخل بعد هذه الجهالة في التخصيص وأما إذا كان المستثنى جزءا مشاعا فلا بأس به فإنه لا يوجب مزيد جهالة وهكذا مع الاختيار لما قدمنا قريبا.

وأما ما ذكره من قوله: "أو كل كذا بكذا" أو ما بعده من الصور فإن كان وقوع ذلك يرفع من مطلق الجهالة شيئا فهو وإن كان بيع جزاف لكنه قد توصل إلي تفصيله من وجه والتخيير لمعرفة مقدار الثمن صحيح لأنه عند هذا التفصيل جهل المشتري ما يلزمه من الثمن وأما الصورة الثانية والثالثة فالأولى عدم الحكم بالفساد مع الزيادة والنقص بل مجرد إثبات الخيار يكفي كالصورة الأولى وبهذا تعرف عدم الحاجة إلي الكلام على بقية ما في هذا الفصل فإن ما ذكرناه يبصرك بما ينبغي أن يقال في كل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015