واجب غير جائز كما قال ذلك البعض لحرم ببيع ما يحتاجه المجاهد للجهاد وما يتجهز به للحج وما يلبسه للصلاة وما يتسحر به للصيام وما ينفقه على ما يجب عليه انفاقه.

قوله: "ومن ذي اليد" الخ.

أقول: إذا ما حصل مناط البيع وهو التراضي المذكور في الكتاب العزيز صار ذلك المبيع ملكا للمشتري وليس هذا من بيع البائع لما ليس عنده حتى يدخل في النهي المتقدم قريبا بل يد الأمين يد من أئتمنه ويكفي المشتري ما وقع من التراضي فإنه قد سلطه بذلك على قبض العين التى لديه وأما إذا كانت العين في يد غاصب لها ممتنع من ردها فقد يندرج ذلك تحت بيع البائع لما ليس عنده فيدخل تحت النهي لأن الغاصب قد حال بينه وبينها باستيلائه عليها عدوانا فلا بد من قبضها منه ثم بيعها إليه.

والحاصل أن إيجاب تحديد القبض والفرق بين المضمون وغير المضمون من غرائب الرأي وعجائب الاجتهاد وليس ذلك بمستنكر من الجامدين على ما وجدوه في كتب الفروع.

قوله: "ومؤجر ولا تنفسخ إلا أن يباع لعذر" الخ.

أقول: إذا أخرج المالك تلك العين من ملكه فقد بطل ما فعله من التأجير فيها لأن إجارته إنما تصح ما دام مالكا للعين وبعد خروجها عن ملكه قد صارت ملكا للمشتري وهو بالخيار أما رضي بتأجيرها من ذلك المستأجر أو نزعها من يده فكونه لا ينفذ له تصرف بالبيع في ملكه مع تأجير منافعها لا يصلح مانعا لأن تسليط المستأجر على الانتفاع بالعين هو إلي مقابل أجرة وقد اختار المالك أن يخرجها عن ملكه وهو محكم في ملكه ولم يرد ما يدل على أن هذا التأجير من موانع البيع حتى يقال اقتضى ذلك الدليل وعلى فرض ورود ما يدل على لزوم الاستمرار على ما اقتضاه عقد الإجارة فهو مقيد ببقاء الملك ولم يبق ها هنا فالظاهر جواز بيع العين المؤجرة سواء كان ذلك لعذر أو لغير عذر وسواء كان من المستأجر أو غيره وسواء رضي المستأجر أم لم يرض ومع هذا فكل بائع لا يبيع العين المؤجرة إلا وقد وجد البيع أنفع له من الاستمرار على التأجير وهذا عذر وأيضا هو بالبيع قد زال الغرض الذى كان له في عقد الإجارة وسيأتي أن من أسباب انفساخ الإجارة الصحيحة العذر الزائل معه الغرض بعقدها وهذا قد زال غرضه من الإجارة بترجيح جانب البيع.

قوله: "ومجهول العين مخيرا فيه مدة معلومة".

أقول: وجه الصحة أن الخيار في الاختيار رافع للجهالة باعتبار الانتهاء وإن كان مجهولا في الابتداء فلا غرر حينئذ عند انجاز البيع وهو وقت الاختيار ومن منع من ذلك نظر إلي أنه وقع البيع لشيء مجهول وإرتفاع الجهالة من بعد لا يقتضي الصحة والقول بالصحة أرجح لأن المانع منها مع التخيير لا يصلح للمانعية وقد ثبت في الصحيحين [البخاري "4/326، 4/327"، مسلم "43/1531"] ، وغيرهما [أبو داود "3454، 3455"، الترمذي "1245"، النسائي "7/248، 249"، ابن ماجة "2181"، من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015