مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ، أي وارث المولود له وفي الآية احتمالات كما أوضحنا ذلك في تفسيرنا وهذا المعنى هو الظاهر منها ولا يصح الاحتجاج بمحتمل مسأو فكيف بمحتمل مرجوح.

والحاصل ان الأدلة التي قدمنا في أول الفصل تدل على مشروعية الاحسان إلي القرابة الدين هم غير الاباء الابناء وهم داخلون فيما ورد في صلة الارحام وأما كون ذلك حتما لازما فلا دليل على ذلك يتعين الاخذ به.

وأما تقييد ما ذكره من وجوب انفاق الاقارب المذكورين بالارث بالنسب فلا وجه له بل صلة الارحام ثابتة ومشروعيتها عامة والاقرب احق بها من الابعد وهكذا تندرح في مشروعية صلة الرحم كسوته وإخدامه للعجز.

قوله: "ويسقط الماضي بالمطل".

أقول: أما النفقة الواجبه كنفقة الابن لأبويه والاب لأولاده فالكلام فيها كالكلام في نفقة الزوجة وقد قدمنا تحقيق ذلك وهكذا نفقة الارقاء لانها واجبة حتما.

وأما نفقة سائر القرابة فقد عرفناك أنه لا دليل يدل على وجوبها بل هي من باب صلة الارحام ولا يجب على الإنسان قضاء مالا يجب عليه ولكنه ينبغي ان يسلك في هذه الصلة المسلك الذي ارشداليه الشارع في الاحاديث المتقدمة بقوله: "الأقرب فالأقرب" وبقوله: "ثم أدناك أدناك".

وأما ما ذكره من رسم الايسار والاعسار فلا دليل عليه ولكن الذي ينبغي اعتماده هو ما اشار اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال للرجل الذي قال عنده دينار فإنه أمر ان يتصدق به على نفسه ثم قال عندي دينار آخر قال تصدق به على زوجتك إلي آخر الحديث المتقدم وما ورد في معناه وقد قدمنا في تفسير الغني الذي يحرم عليه الزكاة ما فيه كفاية وليس المقصود هنا ان يحصل مسمى الغنى بل المقصود وجود الكفاية التي يصير ما زاد عليها في حكم الفضلة التي لا تدعو اليها حاجة راجعة إلي النفقة والكسوة والمنزل والفراش وما يقي البرد والحر فإذا وجدا لرجل هذا لنفسه ولمن تجب عليه نفقته وهم من قدمنا ذكرهم وصل ارحامه الاقرب فالأقرب بما احب إن أراد الخير وأحب الثواب وإلا يكون من القاطعين للأرحام فيعرض نفسه للقطيعة من الله سبحانه.

قوله: "وعلى السيد شبع رقه الخادم وما يقيه الحر والبرد".

أقول: هذا واجب على السيد من واجبات الشريعة وقد كرر صلى الله عليه وسلم التوصية بالارقاء وامر بإطعامهم مما يطعم سيدهم والباسهم مما يلبس وأمر بإطعام المماليك وكسوتهم بالمعروف هذا كله ثابت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين.

وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015