وأيضا قد شرع الله سبحانه بعث الحكمين بين الزوجين عند مجرد الشقاق وفوض اليهما ما فوضه إلي الازواج فإذا كان لهما التفرقة بمجرد وجود الشقاق فكيف لا يكون لحاكم الشريعة الفسخ بعد وصول المراة اليه تشكو اليه ما مسها من الجوع ونزل بها من الفاقة لشديدة.
والحاصل ان بعض ما ذكرناه يصلح مستندا لفسخ النكاح في هذه الحالة فكيف وقد أخرج الدراقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: "يفرق بينهما" وقد اعله من اعله ودفع الاعلال الحافظ محمد بن ابراهيم الوزير وعلى كل حال فها هنا ما يفي عن هذا الحديث كما عرفت.
وأما استدلال المانعين من الفسخ بقوله سبحانه: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] ، فيجاب عنه بأنا لا نكلفه بان ينفق زيادة على ما آتاه بل دفعنا الضرار عن المراة وخلصناها من حباله لتذهب تطلب لنفسها رزق الله عز وجل بالتكسب أو تتزوج آخر يقوم بمطعمها ومشربها.
وأما قوله: "ولا تمتنع منه مع الخلوة الا لمصلحة" فوجهه وجوب طاعتها له وامتثال ما يامر به ويطلبه منها إذا كان ممسكا لها بمعروف والا كان لها الامتناع حتى تخلص من حباله.
وما ذكره من ان القول لمن صدقته العدلة فذلك صحيح إذا حصل التناكر والاختلاف وطلبا من يرفع إلي الحاكم بحقيقة الحال.
وأما قوله: "وللمطيعة في نفي النشوز الماضي" فصحيح لأن الاصل عدم النشوز مع وجود الطاعة عنها في حال الاختلاف فيكون على الزوج البينة في إثباته وإذا اختلفا في قدر مدة النشوز فالبينة على مدعى الزيادة لأن الاصل عدمها لا كما قاله المصنف.
وإذا اخلتفا هل انفق عليها في الماضي ام لا فا كانت في بيته فالقول قوله لأنها تدعى خلاف الظاهر وإن لم تكن في بيته فالقول قولها وإنما قيده المصنف بالاذن لانها إذا كانت في بيته بغير إذنه فذلك بمجرده نشوز وإذا كانت مطلقة أو كان زوجها غائبا فالقول قولها لأن الاصل عدم الانفاق مع يمينها والبينة على الزوج.
[فصل
ونفقة الولد غير العاقل على أبيه ولو كافرا أو معسرا له كسب ثم في ماله ثم على الام قرضا للأب والعاقل المعسر على ابويه حسب الارث إلا ذا ولد موسر فعليه ولو صغيرا أو كان الوالد كافرا ولا يلزم ان يعفه ولا التكسب الا للعاجر ولا يبيع عنه عرضا إلا باذن الحاكم وعلى كل موسر نفقة كل معسر على ملته يرثه بالنسب فإن تعدد الوارث فحسب الارث غالبا وكسوته وسكناه وإخدامه للعجز ويعوض ما ضاع ويسقط الماضي بالمطل.