هو الفسخ من جهته فقط ويمكن ان يقال إن الزوج لما اختار إخراجها عن عقد نكاحه بالفسح كان ذلك كالطلاق منه بخلاف ما لو كان الفسخ من جهتها أو جهتهما معا.
قوله: "ومن لم يسم أو سمى تسمية باطلة لزمه بالوطء فقط مهر مثلها في صفاتها".
أقول: أما لزوم المهر بالوطء فأمر أوضح من شمس النهار لأنه بما استحل من فرجها وأما كون اللازم مهر المثل فقد قدمنا في حديث معقل بن سنان في أول هذا الفصل ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق بأن لها مثل نسائها حيث لم يفرض لها زوجها صداقا وهو دليل قوى ومستند سوى ومتمسك جلي ولفظ نسائها يقتضي ان الاعتبار بمهر قرائبها لأنهن اخص من يضاف اليها واخصهن قرائبها من قبل الاب ثم من قبل الام ثم سائر النساء المماثلات لها في المنصب والمسكن والقبيلة لان بينها وبينهن ملابسة مصححة للإضافة.
وقوله: "وللأمة عشر قيمتها".
أقول: ليس هذا مرجع إلي رواية صحيحة ولا رأي مقبول وما قبل من انه قياس على مهر بناته صلى الله عليه وسلم وزوجته وكان جملة مهر كل واحدة خمسمائة درهم وهو عشر الدية فلزم للأمة عشر قيمتها فهذا غلط فإن الدية عشرة آلاف درهم وعشرها الف لا خمسمائة فالظاهر انه يرجع في مهور الاماء إلي مهر امثالهن إن وجدن والا فالرجوع إلي نصف مهر غالب الحرائر أولى لوقوع التنصيف للعبيد والاماء في كثير من الأحكام.
قوله: "وبالطلاق المتعة".
أقول: تمتيع المطلقة قبل الدخول ثابت بقوله عز وجل: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49] ، فهذه الآية فيها الامر بالمتعة للمطلقة قبل الدخول فأفاد ذلك الوجوب ودل على ذلك أيضا قوله تعالي: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 237] ، قدره فهذا الامر يدل أيضا على الوجوب فمن قال بأن المتعة لا تجب الا للمطلقة قبل الدخول إذا لم يفرض لها الزوج فريضة لا إذا فرض لها فريضة فإنها تستحق نصف ما فرض لها بقوله تعالي: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] ، فعلله أراد الجمع فيكون هذا جمعا بين هذه الايات.
وأما قوله سبحانه: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241] ، فظاهرها إيجاب المتعة لكل مطلقة مدخولة أو غير مدخولة مع الفرض ومع عدمه وقد ذهب إلي ذلك جماعة من السلف ووجهه انها عامة لكل مطلقة والتنصيص على غير المدخولة التي لم يفرض لها صداق تنصيص على بعض أفراد العام فلا ينافى بقية الأفراد ويمكن ان يجيب عن هذا من خصص الوجوب بغير المدخولة التي لم يفرض لها صداق بأن الايتين قد اشتملتا على قيدين لهما مفهوم معمول به فيقيد بهما هذه الآية العامة ومجموع هذه الايات قد دلت على