قوله: فصل: "ومن سمى مهرا تسمية صحيحة" الخ.
أقول: حديث أن امراة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقا ولم يكن دخل بها فقال عبد الله بن مسعود ارى لها مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الاشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بروع ابنة واشق بمثل ما قضى أخرجه أحمد وأهل السنن والحاكم وابن حبان والبيهقي وصححه الترمذي وابن مهدي وغيرهما فيه دليل على ثبوت المهر بالموت بطريق الأولى لأنه إذا ثبت مع عدم التسمية يثبت معها بفحوى الخطاب فهذا الحديث يكفي في الاستدلال به على ان الموت يجب به المهر والميراث.
وأما قوله سبحانه: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] ، فلا معارضة بينه وبين هذا الحديث لأن هذا الحديث في الموت والاية في الطلاق وقياس الموت على الطلاق قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار والحديث صحيح وله شواهد ولم يصب من اعله بالاضطراب وبين الاضطراب بأنه روى مرة عن معقل بن سنان ومرة عن رجل من اشجع أو ناس من اشجع وقيل غير ذلك قال البيهقي قد سمى فيه معقل بن سنان وهو صحابي مشهور والاختلاف فيه لا يضر فإن جميع الروايات صحيحة وفي بعضها ما دل على ان جماعة من اشجع شهدوا بذلك.
وأما ما روي عن الشافعي انه قال إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به فقد قال الحاكم قال شيخنا أبو عبد الله لو حضرت الشافعي لقمت على رءوس الناس وقلت قد صح الحديث فقل به.
قوله: "وبدخول أو خلوة".
أقول: أما الدخول فظاهر ولا خلاف فيه والنصوص متطابق عليه وأما الخلوة فلم يكن في المقام ما ينتهض للاحتجاج به ولم يصح من المرفوع ما تقوم به الحجة وأما اقوال بعض الصحابة فلا حجة فيها ولاس يما مع اضطرابها واختلافها وقد قال عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] ، فإن كان المراد بالمس الجماع فظاهر ان الخلوة ليست بجماع وإن كان المس اعم من الجماع وهو وضع عضو منه على عضو منها فليست الخلوة المجردة مسا وإن أرخى عليها مائة ستر ونظر إليها ألف نظرة.
وإذا عرفت هذا فلا حاجة بنا إلي التكلم على الخلوة الصحيحة والفاسدة.
قوله: "ونصفه بطلاق أو فاسخ قبل ذلك".
أقول: أما استحقاق النصف بالطلاق فبقوله عز وجل: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} وأما استحقاقه بالفسخ فقيل قياسا على الطلاق بجامع العقد والتسمية وفي النفس من هذا القياس شيء ثم في النفس أيضا من كون الموجب لذلك