خلقه برأي أحد من أهل العلم نعم ينبغي أن يضم إلي الفاتحة قراءة ما تيسر من القرآن وينبغي أن يعمد إلي سورة قصيرة فيقرأها ثم لا يشتغل بغير الدعاء للميت بعد كل تكبيرة بما ورد وبما لم يرد فهذا هو المقصود من صلاة الجنازة.
وما ذكره من كون الدعاء بحسب حال الميت فحال المذنب أنه قد أتى به إلي إخوانه من المسلمين ليشفعوا له عند ربه ويسألونه المغفرة له والتجأوز عنه وقد أمروا بإخلاص الدعاء للأموات فينبغي لكل من صلى على ميت سواء كان الميت صالحا أو طالحا أن يدعو له بالأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان نفسه لا تطأوعه على ذلك فليتجنب الصلاة على الأموات ففي غيره من المسلمين من هو أرق قلبا منه وأكثر رحمة لإخوانه.
قوله: "والمخافتة".
أقول: قد ورد الجهر فأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال لتعلموا أنه من السنة فمعلوم أن قراءته هذه لا تكون إلا جهرا حتى يعلم ذلك من صلى معه وزاد النسائي ["1988"] ، بعد فاتحة الكتاب سورة وذكر أنه جهر ولفظه هكذا فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر ويؤيد ذلك ما ثبت في صحيح مسلم ["963"] ، وغيره [النسائي "4/73"، ابن ماجة "1500" أحمد "6/23، 28"، الترمذي "1025"] ، من حديث عوف بن مالك قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظنا من دعائه الحديث فإن هذا يدل على أنه جهر بالدعاء فلا وجه لجعل المخافتة مندوبة وإن وردت في حديث أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات ولا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه أخرجه الشافعي في مسنده وفي إسناده اضطراب وقواه البيهقي في المعرفة وأخرج عن الزهري معناه وأخرج نحوه الحاكم من وجه آخر وأخرجه أيضا النسائي وعبد الرزاق قال ابن حجر في الفتح وإسناده صحيح وليس فيه قوله بعد التكبيرة ولا قوله ثم يسلم سرا في نفسه.
قوله: "وتقديم الابن للأب".
أقول: لا يخفى أن صلاة الجنازة من جملة الصلوات وقد تقدم في صلاة الجماعة أن لعلو السن مدخلا في التقديم فليكن هنا كذلك فإن كان الابن أعلم بالسنة كان مقدما على الأب من هذه الحيثية.
قوله: "ويكفي صلاة على جنائز".
أقول: الأصل أن ذلك جائز صحيح إلا أن يرد ما يمنع من ذلك ولم يرد في ذلك شيء هذا على تقدير أنه لم يصل صلى الله عليه وسلم على جماعة بعد جماعة من قتلى أحد كما جزم به المحققون فإن جميع ما ورد في الصلاة عليهم في أسانيدها ضعف وقد أطلنا الكلام على ذلك في شرحنا للمنتقي فليرجع إليه.