أمكن ذلك فهو الواجب للحديث الصحيح الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "ولا يدعها حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا" [البخاري "2748"، مسلم "92/1032"] .
قوله: "ويلقن الشهادتين"
أقول: قد ثبت الأمر بتلقين من حضره الموت فمن ذلك ما في صحيح مسلم ["1/916"] وغيره [أبو دأود "3117"، الترمذي "976"، النسائي "514"، ابن ماجة "1445"] ، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" ومثله من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ["2/917"] ، وغيره وهو مروي خارج الصحيح من طريق جماعة من الصحابة منهم عائشة [النسائي "4/5"] ، وعبد الله بن جعفر [ابن ماجة ""1446"] ، وجابر وعروة بن مسعود وحذيفة ابن اليمان وابن عباس وابن مسعود قال النووي والأمر بهذا التلقين أمر ندب.
قال وأجمع العلماء على هذا التلقين انتهى.
وظاهر الأمر الوجوب ولا قرينة تصرفه عن ذلك وظاهر الأحاديث أن مشروعية التلقين إنما هي لهذا اللفظ أعني لا إله إلا الله ولكنه ثبت في غير هذا التلقين الأمر بمقاتلة الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كما في الصحيحين وغيرهما من رواية ابن عمر.
وقد قيل إن المراد هنا بقول لا إله إلا الله التلفظ بالشهادتين لكونه صار علما على ذلك.
قوله: "ويوجه المحتضر القبلة مستلقيا".
أقول: استدل على مشروعية هذا التوجيه بما أخرجه أبو دأود ["2875"، والنسائي "4012"] ، والحاكم من حديث عبيد بن عمير عن أبيه أن رجلا قال يا رسول الله ما الكبائر قال: "هي سبع" وذكر منها: "استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا" وهذا لايدل على المطلوب لأن المراد بقوله أحياء عند الصلاة وقوله أمواتا في اللحد والكلام في توجيه الحي المحتضر وقد استدل على ذلك بما أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث أبي قتادة أن البراء بن معرور أوصى أن يوجه إلي القبلة إذا احتضر فقال صلى الله عليه وسلم: "أصاب الفطرة" فإن صح هذا كان دليلا على مشروعية ذلك وقد ذكره في التلخيص ولم يتكلم عليه.
والأولى أن يكون على شقه الأيمن لا مستلقيا لما ورد في أحاديث من الإرشاد منه صلى الله عليه وسلم إلي أن يكون النوم على الشق الأيمن وقال في بعض الأحاديث الثابتة في الصحيحين [البخاري "7393"، مسلم "56/2710"] وغيرهما [أبو دأود "5046"، أحمد "4/290، 296"] بلفظ: "إذا أويت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن"، قال في آخره "فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة" فإن هذا فيه دليل على أنه إنما أرشد إلي ذلك لأن النائم إذا مات مات على الفطرة فينبغي أن يكون المريض عند حضور الموت على شقه الأيمن.
وأخرج أحمد في المسند عن سلمى أم أبي رافع أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موتها استقبلت القبلة ثم توسدت يمينها.