أخاك بما يكره"، فقال السائل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وأم لم يكن فقد بهته".
وأما الإجماع على التحريم فقد نقله الثقات وإذا تقرر لك هذا فقد علمت أنها من أشد المنكرات وأعظم المحرمات فإنكارها على فاعلها واجب على كل مسلم وقد صحت أحاديث تحريم الأعراض كتحريم الدماء والأموال كما في حديث خطبة حجة الوداع [البخاري "105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447"، مسلم 1679"، أبو داود 1948"، ابن ماجة "233"، أحمد "5/37، 39، 49" وغيره مسلم "2564"، الترمذي ط1927"] ، وما لا يجوز من الغيبة وتكلمنا على كل صورة من الصور الست التي استثناها العلماء بما يشفي ويكفي مما لم يسبق إليه أحد فليرجع إلى ذلك إن شاء الله.
وأما قوله: "لنقصه بما لا ينقص دينه" فلا يخفاك أن الأدلة قد دلت على تحريم ذكره بما يكره من غير فرق بين ما ينقص دينه وما لا ينقصه وما يزعمونه من أنه ورد حديث بجواز ذكر الفاسق بما فيه فليس لذلك أصل واستثناء بعض أهل العلم المجاهر بالمعاصي وعموم الأدلة وإطلاقاتها ترد عليه.
وأما ما استدل به البعض وهو ما أخرجه الطبراني بلفظ: "حتى متى تورعون عن ذكر الفاجر اهتكوه حتى يحذره الناس" فأين يقع هذا الحديث على فرض أن له إسنادا يثبت وكيف يخصص به الجبال الرواسي من الكتاب والسنة والإجماع على أنه لم يكن في لفظه ما يشابه ألفاظ النبوة التي أعطي صاحبها جوامع الكلم فلا يبعد أن يكون موضوعا ومن استروح إلى مثل هذا الدليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فقد استجره الشيطان إلى الوقوع في هذه المعصية العظيمة المعادلة لظلم الظالمين بسفك الدماء ونهب الأموال فهذا المغتاب قد صار في عداد الظالمين وفي المنزلة التي هم بها من الإثم والعقوبة بلا فائدة له ولا عائدة إلى غضب الله عليه وعقوبته له وأما الظلمة بسفك الدماء وأخذ الأموال فقد انتفعوا بظلمهم بالدنيا بالتشفي والانتفاع بالأموال وهذا البائس صار كما قال الشاعر:
وتركت حظ النفس في الدنيا وفي ... الأخرى ورحت عن الجميع بمعزل
قوله: "الإشارة".
أقول: وجه جواز ذلك أنه قد ثبت مشروعية المشاورة ثم مشروعية المناصحة وهي من جملة حقوق المسلم على المسلم كما ثبت ذلك في الصحيح ولكن ليس ها هنا ما يضطر هذا المشير إلى الغيبة فإنه يمكن القيام بذلك بدونها كأن يقول للمستشير لا أشير عليك بهذا أو لا تفعل كذا أو نحو ذلك وليس عليه زيادة على هذا فإن الدخول في اغتياب من وقعت فيه المشاورة فضول من المشير لم يوجبه الله عليه ولا تعبده به ولا ألجأته إليه الضرورة.
قوله: "أو جرحا".