علي قال: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني يوم الحديبية قبل الصلح فكتب إليه مواليهم فقالوا: والله يا محمد ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هربا من الرق فقال ناس: صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا"، وأبى أن يردهم وقال: "هم عتقاء الله عز وجل" فقوله صلى الله عليه وسلم: "هم عتقاء الله"، يدل على أنهم يصيرون حرارا بفرارهم إلى المسلمين وهكذا لم يرد صلى الله عليه وسلم من هرب إليه من عبيد المشركين يوم الطائف ومنهم أبو بكرة كما في صحيح البخاري "8/45"، ومسند أحمد 14/112"، وغيرهما.
وأما قوله: "تخلية لا مباشرة" فوجهه ظاهر لأن في المباشرة إعانة على منكر سوغته الضرورة فيجب التوقف على مجرد التخلية.
واعلم أن إرجاع من فر من المشركين إلى المسلمين وأراد الدخول في الإسلام فيه من المخالفة لما تقتضيه الشريعة وتوجبه العزة الإسلامية ما لا يخفى فلا يجوز ذلك إلا عند أن يغلب على ظن الإمام أنه إذا لم يفعل ذلك وقع بالمسلمين من ضرر الكفار ما هو أعظم من ذلك واشد إضعافا للشوكة الإسلامية قواها الله سبحانه.
وأما قوله: "أو على بذل رهائن أو مال" إلخ فإذا رأى الإمام في ذلك صلاحا فعله.
وأما قوله: "ويرد ما أخذه السارق" إلخ فهذا ظاهر لأن مقتضى الصلح أن لا يقع شيء من ذلك.
وأما قوله: "ويؤذن من في دارنا" إلخ فلا وجه للتوقيف بالسنة بل يجوز للإمام أن يصالحه على ما يرى فيه صلاحا وإن طالت المدة وغذا انقضت المدة رد إلى مأمنه وإذا تعدى المدة عامدا كان الإمام مخيرا في شأنه إذا تعداها جاهلا فإن جهله عذر له فيرد إلى مأمنه هكذا ينبغي أن يقال.
[فصل
ويجوز فك أسراهم بأسرانا ط لا بالمال ورد الجسد مجانا ويكره حمل الرؤوس وتحرم المثلة قيل ورد الأسير حربيا] .
قوله: "فصل: ويجوز فك أسراهم بأسرانا".
أقول: قد قال الله عزوجل: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ، والفداء أعم من أن يكون بالمال أو بفك الأسرى منهم بالأسرى منا فإن ذلك كله فداء وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم فك أسير من بني عقيل بأسيرين من أصحابه كانا عند ثقيف كما في صحيح مسلم "1641"، وغيره الترمذي.