[فصل
ويغنم من الكفار نفوسهم إلا المكلف من مرتد ولو أنثى وعربي ذكر غير كتابي فالإسلام أو السيف وأموالهم ولا يستبد غانم بما غنم ولو طليعة أو سرية بقوة ردئهم إلا بشرط الإمام أو تنفليهم فلا يعتق الرحم ونحوه ومن وطيء ردها وعقرها وولدها ولا حد عليه ولا نسب وللإمام قيل ولو غائبا الصفي وهو شيء واحد ثم يقسم الباقي بعد التخميس والتنفيل بين ذكرو مكلفين أحرار مسلمين قاتلوا وكانوا ردءا ولم يفروا قبل إحرازها للراجل سهم ولذي الفرس لا غيرها سهمان إن حضر بها ولو قاتل راجلا ومن مات أو أسر أو ارتد بعد الإحراز فلورثته ويرضخ وجوبا لمن حضر من غيرهم ولا يطهر بالاستيلاء إلا ما ينجس بتذكيتهم أو رطوبتهم ومن وجد ما كان له فهو أولى به بلا شيء قبل القسمة وبعدها بالقيمة إلا العبد الآبق] .
قوله: "فصل: ويغنم من الكفار نفوسهم".
أقول: هذا معلوم من أدلة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين سابقهم ولاحقهم وأما استثناء المرتد فوجهه قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، وقوله: " لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث"، والحديثان صحيحان مشهوران وإنما لم يجز استرقاقه لأنه لما خرج من دين الإسلام كان علينا إرجاعه إليه أو قتله ولهذا يقول الله عزوجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] ، فإذا ابتغى أن يبقى على الكفر الذي خرج عليه بعد أسره ويصير عبدا لمن أسره لم يقبل منه ذلك.
قوله: "وعربي ذكر غير كتابي".
أقول: الأدلة الصحيحة قد دلت على جواز استرفاق الكفار من غير فرق بين عربي وعجمي وذكر وأنثى ولم يقم دليل يصلح للتمسك به فقط في تخصيص أسراء العرب بعدم جواز استرقاقهم بل الأدلة قائمة متكاثرة على أن حكمهم حكم سائر المشركين وقد سبى صلى الله عليه وسلم جماعة من بني تميم وأمر عائشة أن تعتق منهم وبالغ صلى الله عليه وسلم فقال: "من فعل كذا فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل"، وقال لأهل مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
والحاصل أن الواجب الوقوف على ما دلت عليه الأدلة الكثيرة الصحيحة من التخيير في كل مشرك بين القتل والمن والفداء والاسترقاق فمن ادعى تخصيص نوع منهم أو فرد من أفرادهم فهو مطالب بالدليل وأما ما يروى من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "لو كان الاسترقاق على العرب جائزا لكان اليوم وإنما هو أسر"، فلم يصح هذا من وجه بل في إسناده من هو غاية في الضعف".
وأما أسر نساء العرب فالأمر أظهر من أن يذكر الوقائع في ذلك ثابتة في كتب الحديث